مجموعة أجزاء حديثية مسألة سبحان
مجموعة أجزاء حديثية مسألة سبحان
ناشر
دار الخراز،السعودية،دار ابن حزم
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م
محل انتشار
بيروت - لبنان
وَقَوْلُهُ فِي سُورَةِ يُونُسَ: ﴿دَعَوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللُّهُمَّ﴾ [يونس: ١٠] أَيْ هُمْ فِي الْجَنَّةِ عَلَى تَنْزِيهِ اللَّهِ عَمَّا نَزَّهَ عَنْهُ نَفْسَهُ، كَمَا كَانُوا فِي الدُّنْيَا، ﴿وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلِّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [يونس: ١٠]، رِضًا بِمَا أَعْطَوْهُ، وَنَحْوُ ذَلِكَ قَوْلُهُ ﵎: ﴿رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ﴾ [المائدة: ١١٩]
١ - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ زَكَرِيَّا، عَنْ عَنْبَسَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الْمُعَلَّى بْنِ عِرْفَانَ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ رَضِيَ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ» ⦗٣٨٦⦘. وَقَوْلُهُ: ﴿سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [التوبة: ٣١]، وَ﴿سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ﴾ [يونس: ٦٨]، كُلُّ ذَلِكَ أَصْلُهُ مَا وَصَفْتُهُ لَكَ. وَقَوْلُهُ: ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ﴾ [الأعلى: ١]، أَيْ نَزِّهِ اسْمَهُ عَنْ غَيْرِ مَا سَمَّى بِهِ نَفْسَهُ. وَقَوْلُهُ: ﴿فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ﴾ [الحجر: ٩٨]، أَيْ ادْعُهُ بِأَسْمَائِهِ، فَنَزِّهْهُ بِهَا عَمَّا قَالَهُ الْمُخَالِفُونَ. وَكُلُّ مَا كَانَ فِي الْقُرْآنِ مِنْ قَوْلِهِ: ﴿فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ﴾ [الحجر: ٩٨]، وَ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ﴾ [الأعلى: ١]، فَمَعْنَاهُ كُلُّهُ: نَزِّهْهُ، وَعَظِّمْهُ مِنْ غَيْرِ مَا وَصَفَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ. وَقَوْلِهِ فِي سُورَةِ الرَّعْدِ: ﴿وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ﴾ [الرعد: ١٣]، أَيْ كُلٌّ يُنَزِّهُهُ وَيُعَظِّمُهُ بِأَسْمَائِهِ، وَأَسْمَاءُ اللَّهِ صِفَاتٌ لَهُ، وَصِفَاتُ اللَّهِ مَدْحٌ. وَكُلُّ مَنْ ذَكَرَ اللَّهَ بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَائِهِ ⦗٣٨٧⦘ فَقَدْ أَطَاعَهُ، إِذَا وَصَفَهُ بِصِفَتِهِ الَّتِي رَضِيَهَا لِنَفْسِهِ وَنَفَى سِوَاهَا عَنْهُ. وَكَذَلِكَ قَوْلِهِ فِي الْحِجْرِ: ﴿فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ﴾ [الحجر: ٩٨]، وَقَوْلِهِ فِي سُورَةِ النَّمْلِ: ﴿سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [النمل: ٦٣]، أَيْ تَعْظِيمًا لَهُ، وَتَنْزِيهًا عَنْ إِشْرَاكِهِمْ بِهِ. وَلَسْتَ تَرَى ذِكْرَ ﴿سُبْحَانَ﴾ [الإسراء: ١] فِي سَائِرِ الْقُرْآنِ إِلَّا وَمَعَهَا إِثْبَاتٌ وَنَفْيٌ، فَالْإِثْبَاتُ لِأَسْمَائِهِ الَّتِي هِيَ صِفَاتِهِ، وَالنَّفْيُ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ، فَتَأَمَّلْهُ تَجِدْهُ فِي سَائِرِ الْقُرْآنِ. كَذَلِكَ قَوْلِهِ: ﴿وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ﴾ [النحل: ٥٧]، وَقَوْلِهِ: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ﴾ [الإسراء: ١]، أَيْ تَنْزِيهًا لَهُ، وَتَعْظِيمًا عَنْ قَوْلِ الْمُكَذِّبِينَ بِأَنْبَائِهِ عَلَى أَلْسِنَةِ أَنْبِيَائِهِ. وَكَذَلِكَ قَوْلِهِ: ﴿سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ﴾، فَهَذَا إِثْبَاتٌ مِنْهُ عَزَّ وَعَلَا التَّسْبِيحَ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَأَنَّهُ لَا يَفْقَهُ تَسْبِيحَهُمْ إِلَّا هُوَ، وَإِنْ شَاءَ أَنْ يُعَلِّمَ بَعْضَ خَلْقِهِ بَعْضَ ذَلِكَ التَّسْبِيحِ عَلَّمَهُ، كَمَا قَالَ: ﴿عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ﴾ [النمل: ١٦]، فَهَذَا مِمَّا لَا يَفْقَهُهُ خَلْقُهُ، وَإِنْ شَاءَ أَنْ يُعَلِّمَهُ إِنْسَانًا عَلَّمَهُ
1 / 385