والثاني: أورده في المغني، ونقله عن الغاية.
فهو: فإن قيل: لا دليلَ في الحديث على فضيلتها؛ لأنّ النبي ﷺ شبّه صيامها بصيامِ الدّهر، وهو مكروهٌ.
والجواب: أنّه كَرِة صوم الدهر، لما فيه من الضعف، والتشبيه بالتبتل، لولا ذلك لكان فضلًا عظيمًا لاستغراقه الزمان بالعبادة والطّاعة.
والمراد بالخبر: التشبّه في حصول العبادة على وجه عُري عن المشقة، كما قال ﷺ: "مَنْ صَامَ ثَلاَثَة أيامٍ مِنْ كُلِّ شَهرٍ كَانَ كمَنْ صَامَ الدَّهْر" (١).
ذكر ذلك: حثًا على صيامها وبيان فضلها، ولا خلاف في استحبابها.
ونهى النبي ﷺ عبد الله بن عمرو عن قراءةِ القرآن أقلَّ من ثلاثٍ (٢).
وقال ﷺ: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ فَكَأَنَّمَا قَرَأَ ثُلُثَ الْقُرآنِ" (٣).
(١) رواه الإمام أحمد (٥/ ١٤٥) وابن ماجه (١٧٠٨) والترمذي (٧٦٢) والبزار في مسنده (٣٩٠٤) والنسائي (٤/ ٢١٩) وابن عدي (٦/ ٢٤٣١) والبغوي في شرح السنة (١٨٠١) من حديث أبي ذر الغفاري ﵁.
(٢) رواه الدارمي (١/ ٣٥٠) والإمام أحمد (٢/ ١٦٤ و١٩٣ و١٩٥) وأبو داود (١٣٩٤) والترمذي (٢٩٤٧ و٢٩٥٠) وابن ماجه (١٣٤٧) عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله ﷺ: "لا يفقه من قرأ القرآن في أقلّ من ثلاث".
وقال رجلٌ لإبراهيم النخعي: إني أختم القرآن كل ثلاث، قال: ليتك تختمه كل ثلاثين وتدري أي شيءٍ تقرأ. العقد الفريد لابن عبد ربه (٢/ ٨٨).
(٣) رواه بهذا اللفظ: النسائي في الكبرى (٩٩٤٦) عن أبي أيوب ﵁. ورواه أيضًا (١٠٥٢١) عن أُبَيّ بن كعب، عن رجل من الأنصار. و(١٠٥٢٢) عن أبي بن كعب ﵁.=