مجموعة رسائل العلامة قاسم بن قطلوبغا

ابن قطلوبغا d. 879 AH
178

مجموعة رسائل العلامة قاسم بن قطلوبغا

مجموعة رسائل العلامة قاسم بن قطلوبغا

پژوهشگر

عبد الحميد محمد الدرويش، عبد العليم محمد الدرويش

ناشر

دار النوادر

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤٣٤ هـ - ٢٠١٣ م

محل انتشار

سوريا

ژانرها

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ومن قال: إن المائع القليل ينجس بوقوع النجاسة، قال: إنه كالماء فإنّه يطهر بالمكاثرة كما يطهر الماء بالمكاثرة، فإذا صبّ عليه زيت كثير طهر الجميع، والقول بأن المائعات لا تنجس كما لا ينجس الماء، هو القول الراجح، بل هي أولى بعدم التنجيس من الماء، وذلك لأنَّ الله أحل لنا الطيبات، وحرّم علينا الخبائث والأطعمة والأشربة من الأدهان والألبان والزيت والخلول، والأطعمة المائعة هي من الطيبات التي أحلها الله لنا، فإذا لم يظهر فيها صفة الخبث: لا طعمه، ولا لونه، ولا ريحه، ولا شيء من أجزائه، كانت على حالها في الطيب، فلا يجوز أن تجعل من الخبيث المحرمة مع أن صفاتها صفات الطيب لا صفات الخبائث، فإن الفرق بين الطيبات والخبائث بالصفات المميزة بينهما. ولأجل تلك الصفات حرّم هذا، وأحلّ هذا، وإذا كان هذا الحبّ وقع فيه قطرة دم، أو قطرة خمر، وقد استحالت، واللبن باق على صفته، والزيت باق على صفته، لم يكن لتحريم ذلك وجه، فإن تلك قد استهلكت واستحالت، ولم يبق لها حقيقة من الأحكام يترتب عليها شيء من أحكام الدم والخمر، وإنما كانت أولى بالطهارة من الماء؛ لأنَّ الشارع رخّص في إراقة الماء وإتلافه حيث لم يرخص في إتلاف المائعات، كالاستنجاء فإنّه يستنجي بالماء دون هذه، وكذلك إزالة سائر النجاسات بالماء. وأما استعمال المائعات في ذلك فلا يصح، سواء قيل تزول النجاسة، أو لا تزول، ولهذا قال من قال من العلماء: أن الماء يراق إذا ولغ فيه الكلب، ولا تراق آنية الطعام والشراب. وأيضًا فإن الماء أسرع تغيرًا بالنجاسة من الملح، والنجاسة أشدّ استحالة في غير الماء منها في الماء، فالمائعات أبعد عن قبول التنجيس حسًا وشرعًا من الماء، فحيث لا ينجس الماء، فالمائعات أولى أن لا تنجس. وأيضًا فقد ثبت في صحيح البُخاريّ وغيره عن النَّبيِّ ﷺ أنه سئل عن فأرة وقعت في سمن؟ فقال: "ألقوها وما حولها وكلوا سمنكم". فأجابهم النَّبيّ ﷺ جوابًا عامًا مطلقًا، بأن يلقوها وما حولها، وأن يأكلوا سمنهم، ولم يستفصلهم: هل كان مائعًا =

1 / 188