وقد روي عن مسلم ﵀ أنه قال: ليس كل شيء عندي صحيح وضعته ها هنا يعني في كتابه الصحيح؛ وإنما وضعت ها هنا ما أجمعوا عليه. هذا مع تحريه وإتقانه وأمانته ومعرفته بالصحيح من السقيم، فكيف يقال ذلك في حديث أخرجه واحتج برواته. وقد روى الحاكم أبو عبد اللَّه، عن أبي الفضل محمد بن إبراهيم قال: سمعت أحمد بن سلمة يقول: رأيت أبا زرعة وأبا حاتم رحمهما اللَّه يقدمان مسلم بن الحجاج في معرفة الصحيح على مشايخ عصره (١). وقد قال أبو علي الحافظ أستاذ الحاكم المذكور: ما تحت أديم السماء كتاب أصح من كتاب مسلم بن الحجاج ﵀. وأما قوله: "إنه يدور على سعد بن سعيد" فليس كذلك بل قد رواه صفوان بن سليم ويحيى بن سعيد القاضي أخو سعد المذكور عن عمر بن ثابت أيضًا، أما رواية صفوان بن سليم فأخرجها أبو داود والنسائي في سننهما، وأبو حاتم بن حبان في "صحيحه"، ثلاثتهم من حديث عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن صفوان بن سليم وسعد بن سعيد جميعًا عن عمر بن ثابت به (٢). وقد ذكر ابن دحية بعد هذا الفصل الذي قدمه رواية الدراوردي هذه فقال: وقد روي عن صفوان بن سليم وسعد بن سعيد بن عمر بن ثابت، وهو حديث منكر على الدراودي حتى يستر المدلس ضعف سعد بن سعيد بصحبة صفوان بن سليم وكأن صفوان هذا يستدل بذكره. . . (٣) قاله ولم يروه عنه قط مالك وهو من كبار أصحاب صفوان، وأنكره مالك في "الموطأ"، ولا حدث به صفوان، وقد امتحن الدراوردي من أجله وتكلم فيه. انتهى كلامه.

(١) انظر "تاريخ بغداد" (١٣/ ١٠١)، و"تهذيب الكمال" (٢٧/ ٥٠٦). (٢) سبق تخريجه قريبًا. (٣) كلمة غير واضحة في المخطوط.