209

مجموع رسائل الحافظ ابن عبد الهادي

مجموع رسائل الحافظ ابن عبد الهادي

پژوهشگر

أبو عبد الله حسين بن عكاشة

ناشر

الفاروق الحديثة للطباعة والنشر

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤٢٧ هـ - ٢٠٠٦ م

محل انتشار

القاهرة - جمهورية مصر العربية

ژانرها

من قال: إن الربيين قُتلوا تضعيفًا كثيرًا من عدة وجوهِ، والربيون هم الجماعة الكثيرة، قال: وقوله (ق ٢٨ - أ): ﴿مَعَهُ رِبِّيُّونَ﴾ صفة للنبي لا حالًا (١). قال: وحذف الواو في مثل هذا دليل على أنها صفة بعد صفة ليست حالًا، وبهذا يظهر كمال المعنى وحسنه، فإن قوله: ﴿مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ﴾ أي هم يتبعونه سواء كانوا معه حين قتل أو لم يكونوا، والمعنى على الأول؛ لأن المقصود جميع أتباع النبي ﷺ لم يرتدوا لا من شهد مقتله ولا من غاب، فإن المقصود أن قَتْل النبي لا يُغير الإيمان من قلوب أتباعه.
وقال بعد أن ذكر قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (١٧١) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ﴾ (٢) قال: وهذا أشكل على بعض الناس، فيقول: الرسل قد قُتل بعضهم فكيف يكونون منصورون (٣)؟
فيقال: القتل إذا كان على وجهٍ فيه عزة الدين وأهله كان هذا من كمال النصر، فإن الموت لا بد منه، فإذا مات ميتة يكون بها سعيدًا في الآخرة فهذا غاية النصر (ق ٢٨ - ب) كما كان حال نبينا ﷺ، فإنه استشهد طائفة من أصحابه فصاروا إلى أعظم كرامةٍ، ومن بقي كان عزيزًا منصورًا، وكذلك كان الصحابة يقولون للكفار: أخبرنا نبينا أن من قُتل منا دخل الجنة، ومن عاش منا ملك رقابكم. فالمقتول إذا قُتل على هذا الوجه كان ذلك من تمام نصره ونصر أصحابه، ومن هذا الباب حديث الغلام الذي رواه مسلم (٤) لما اتبع دين الراهب وترك دين الساحر، وأرادوا قتله مرةً بعد مرةٍ لم يطيقوا

(١) "مجموع الفتاوى" (١/ ٥٨ - ٦٠، ١٤/ ٣٧٣ - ٣٧٥).
(٢) سورة الصافات، الآيتان: ١٧١ - ١٧٢.
(٣) كذا في "الأصل".
(٤) صحيح مسلم (٤/ ٢٢٩٩ - ٢٣٠١ رقم ٣٠٠٥) عن صهيب الرومي ﵁.

1 / 218