مجموع الفتاوى
مجموع الفتاوى
ناشر
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف-المدينة المنورة
محل انتشار
السعودية
اللَّهُ بِوُقُوعِهِ فَإِنَّ اللَّهَ صَادِقٌ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ وَهُوَ الَّذِي أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ بِحِكْمَتِهِ وَفَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ وَهَذَا الْمُسْتَحِقُّ لِهَذَا الْحَقِّ إذَا سَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى بِهِ يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى إنْجَازَ وَعْدِهِ أَوْ يَسْأَلُهُ بِالْأَسْبَابِ الَّتِي عَلَّقَ اللَّهُ بِهَا الْمُسَبَّبَاتِ كَالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ فَهَذَا مُنَاسِبٌ وَأَمَّا غَيْرُ الْمُسْتَحِقِّ لِهَذَا الْحَقِّ إذَا سَأَلَهُ بِحَقِّ ذَلِكَ الشَّخْصِ فَهُوَ كَمَا لَوْ سَأَلَهُ بِجَاهِ ذَلِكَ الشَّخْصِ وَذَلِكَ سُؤَالٌ بِأَمْرِ أَجْنَبِيٍّ عَنْ هَذَا السَّائِلِ لَمْ يَسْأَلْهُ بِسَبَبِ يُنَاسِبُ إجَابَةَ دُعَائِهِ.
وَأَمَّا سُؤَالُ اللَّهِ بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ الَّتِي تَقْتَضِي مَا يَفْعَلُهُ بِالْعِبَادِ مِنْ الْهُدَى وَالرِّزْقِ وَالنَّصْرِ. فَهَذَا أَعْظَمُ مَا يُسْأَلُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ. فَقَوْلُ الْمُنَازِعِ: لَا يُسْأَلُ بِحَقِّ الْأَنْبِيَاءِ فَإِنَّهُ لَا حَقَّ لِلْمَخْلُوقِ عَلَى الْخَالِقِ: مَمْنُوعٌ فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ حَدِيثُ مُعَاذٍ الَّذِي تَقَدَّمَ إيرَادُهُ وَقَالَ تَعَالَى: ﴿كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ﴾ ﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ . فَيُقَالُ لِلْمُنَازِعِ: الْكَلَامُ فِي هَذَا فِي مَقَامَيْنِ: - أَحَدُهُمَا فِي حَقِّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ. وَالثَّانِي فِي سُؤَالِهِ بِذَلِكَ الْحَقِّ. أَمَّا الْأَوَّلُ فَلَا رَيْبَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَعَدَ الْمُطِيعِينَ بِأَنْ يُثِيبَهُمْ وَوَعَدَ السَّائِلِينَ بِأَنْ يُجِيبَهُمْ وَهُوَ الصَّادِقُ الَّذِي لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا﴾ ﴿وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ ﴿فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ﴾ فَهَذَا مِمَّا يَجِبُ وُقُوعُهُ
1 / 218