215

مجموع الفتاوى

مجموع الفتاوى

ناشر

مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف-المدينة المنورة

محل انتشار

السعودية

مَا يَقُومُ بِقُلُوبِهِمْ مِنْ التَّوْحِيدِ وَالْإِيمَانِ. وَذَكَرَ ﷺ أَنَّهُ مَنْ سَأَلَ اللَّهَ لَهُ الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ عَلَيْهِ شَفَاعَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَبَيَّنَ أَنَّ شَفَاعَتَهُ تُنَالُ بِاتِّبَاعِهِ بِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ التَّوْحِيدِ وَالْإِيمَانِ وَبِالدُّعَاءِ الَّذِي سَنَّ لَنَا أَنْ نَدْعُوَ لَهُ بِهِ.
وَأَمَّا السُّؤَالُ بِحَقِّ فُلَانٍ فَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا مَا لَهُ مِنْ الْحَقِّ عِنْدَ اللَّهِ وَالثَّانِي هَلْ نَسْأَلُ اللَّهَ بِذَلِكَ كَمَا نَسْأَلُ بِالْجَاهِ وَالْحُرْمَةِ؟ أَمَّا الْأَوَّلُ فَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ: لِلْمَخْلُوقِ عَلَى الْخَالِقِ حَقٌّ يُعْلَمُ بِالْعَقْلِ وَقَاسَ الْمَخْلُوقَ عَلَى الْخَالِقِ كَمَا يَقُولُ ذَلِكَ مَنْ يَقُولُهُ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ. وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ: لَا حَقَّ لِلْمَخْلُوقِ عَلَى الْخَالِقِ بِحَالِ لَكِنْ يَعْلَمُ مَا يَفْعَلُهُ بِحُكْمِ وَعْدِهِ وَخَبَرِهِ كَمَا يَقُولُ ذَلِكَ مَنْ يَقُولُهُ مِنْ أَتْبَاعِ جَهْمٍ وَالْأَشْعَرِيِّ وَغَيْرِهِمَا مِمَّنْ يَنْتَسِبُ إلَى السُّنَّةِ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: بَلْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ وَأَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ حَقًّا لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ كَمَا حَرَّمَ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِهِ لَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ مَخْلُوقٌ عَلَيْهِ وَلَا يُقَاسُ بِمَخْلُوقَاتِهِ بَلْ هُوَ بِحُكْمِ رَحْمَتِهِ وَحِكْمَتِهِ وَعَدْلِهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ وَحَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ الظُّلْمَ كَمَا قَالَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الْإِلَهِيِّ: ﴿يَا عِبَادِي إنِّي حَرَّمْت الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْته بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلَا تظالموا﴾ . وَقَالَ تَعَالَى: ﴿كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ﴾ . وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ ﴿عَنْ مُعَاذٍ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: يَا مُعَاذُ أَتَدْرِي مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى

1 / 213