203

مجموع الفتاوى

مجموع الفتاوى

ناشر

مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف-المدينة المنورة

محل انتشار

السعودية

وَأَمَّا التَّوَسُّلُ بِالنَّبِيِّ ﷺ وَالتَّوَجُّهُ بِهِ فِي كَلَامِ الصَّحَابَةِ فَيُرِيدُونَ بِهِ التَّوَسُّلَ بِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ. وَالتَّوَسُّلُ بِهِ فِي عُرْفِ كَثِيرٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ يُرَادُ بِهِ الْإِقْسَامُ بِهِ وَالسُّؤَالُ بِهِ كَمَا يُقْسِمُونَ بِغَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَمَنْ يَعْتَقِدُونَ فِيهِ الصَّلَاحَ. وَحِينَئِذٍ فَلَفْظُ التَّوَسُّلِ بِهِ يُرَادُ بِهِ مَعْنَيَانِ صَحِيحَانِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ وَيُرَادُ بِهِ مَعْنًى ثَالِثٌ لَمْ تَرِدْ بِهِ سُنَّةٌ. فَأَمَّا الْمَعْنَيَانِ الْأَوَّلَانِ - الصَّحِيحَانِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ: - فَأَحَدُهُمَا هُوَ أَصْلُ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ وَهُوَ التَّوَسُّلُ بِالْإِيمَانِ بِهِ وَبِطَاعَتِهِ. وَالثَّانِي دُعَاؤُهُ وَشَفَاعَتُهُ كَمَا تَقَدَّمَ: فَهَذَانِ جَائِزَانِ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَمِنْ هَذَا قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: " اللَّهُمَّ إنَّا كُنَّا إذَا أَجْدَبْنَا تَوَسَّلْنَا إلَيْك بِنَبِيِّنَا فَتَسْقِينَا وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إلَيْك بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا أَيْ بِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ وقَوْله تَعَالَى ﴿وَابْتَغُوا إلَيْهِ الْوَسِيلَةَ﴾ أَيْ الْقُرْبَةَ إلَيْهِ بِطَاعَتِهِ؛ وَطَاعَةُ رَسُولِهِ طَاعَتُهُ قَالَ تَعَالَى: ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ﴾ . فَهَذَا التَّوَسُّلُ الْأَوَّلُ هُوَ أَصْلُ الدِّينِ وَهَذَا لَا يُنْكِرُهُ أَحَدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ. وَأَمَّا التَّوَسُّلُ بِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ - كَمَا قَالَ عُمَرُ - فَإِنَّهُ تَوَسَّلَ بِدُعَائِهِ لَا بِذَاتِهِ؛ وَلِهَذَا عَدَلُوا عَنْ التَّوَسُّلِ بِهِ إلَى التَّوَسُّلِ بِعَمِّهِ الْعَبَّاسِ وَلَوْ كَانَ التَّوَسُّلُ هُوَ بِذَاتِهِ لَكَانَ هَذَا أَوْلَى مِنْ التَّوَسُّلِ بِالْعَبَّاسِ فَلَمَّا عَدَلُوا عَنْ التَّوَسُّلِ بِهِ إلَى التَّوَسُّلِ

1 / 201