مجموع الفتاوى
مجموع الفتاوى
ناشر
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف-المدينة المنورة
محل انتشار
السعودية
لَا بِشَفَاعَةِ وَلَا غَيْرِهَا وَعِنْدَ هَؤُلَاءِ مَا ثَمَّ إلَّا مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ فَلَا يَدْخُلُ النَّارَ وَمَنْ يَدْخُلُ النَّارَ فَلَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَلَا يَجْتَمِعُ عِنْدَهُمْ فِي الشَّخْصِ الْوَاحِدِ ثَوَابٌ وَعِقَابٌ. وَأَمَّا الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ وَسَائِرُ الْأَئِمَّةِ كَالْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ فَيُقِرُّونَ بِمَا تَوَاتَرَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّ اللَّهَ يُخْرِجُ مِنْ النَّارِ قَوْمًا بَعْدَ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ اللَّهُ مَا شَاءَ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ يُخْرِجُهُمْ بِشَفَاعَةِ مُحَمَّدٍ ﷺ وَيُخْرِجُ آخَرِينَ بِشَفَاعَةِ غَيْرِهِ وَيُخْرِجُ قَوْمًا بِلَا شَفَاعَةٍ.
وَاحْتَجَّ هَؤُلَاءِ الْمُنْكِرُونَ لِلشَّفَاعَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ﴾ وَبِقَوْلِهِ: ﴿وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ﴾ وَبِقَوْلِهِ: ﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ﴾ وَبِقَوْلِهِ: ﴿مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ﴾ وَبِقَوْلِهِ: ﴿فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ﴾ . وَجَوَابُ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ هَذَا يُرَادُ بِهِ شَيْئَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا لَا تَنْفَعُ الْمُشْرِكِينَ كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي نَعْتِهِمْ: ﴿مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ﴾ ﴿قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ﴾ ﴿وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ﴾ ﴿وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ﴾ ﴿وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ﴾ ﴿حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ﴾ ﴿فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ﴾ فَهَؤُلَاءِ نُفِيَ عَنْهُمْ نَفْعُ شَفَاعَةِ الشَّافِعِينَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا كُفَّارًا. وَالثَّانِي: أَنَّهُ يُرَادُ بِذَلِكَ نَفْيُ الشَّفَاعَةِ الَّتِي يُثْبِتُهَا أَهْلُ الشِّرْكِ وَمَنْ شَابَهَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ: مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّ لِلْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ الْقَدْرِ أَنْ يَشْفَعُوا عِنْدَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَمَا يَشْفَعُ النَّاسُ بَعْضُهُمْ عِنْدَ بَعْضٍ فَيَقْبَلُ
1 / 149