ونحو من اصطفاه من الملائكة والناس للرسالة، ومن أوجب طاعته وسؤاله، والرد إليه، وكذلك المحكم جعله الله سبحانه أصلا، وقدوة كما قال سبحانه: {منه ءايات محكمات هن أم الكتاب} [آل عمران:7]، أي أصله الذي يجب تحكيمه على المتشابه.
والفرق بين صفته وصفة المتشابه: أن المحكم: هو كل قول يفهم معناه من ظاهر لفظه، ولو حمل على غيره لم يعقل، مثاله قول الله سبحانه: {لا تدركه الأبصار} [الأنعام:103]" ، وذلك لأنه لا خلاف في أن درك الأبصار هو رؤية العيون، وأنه لا يعقل حمله على غير ذلك.
وصفة المتشابه: هو أنه لا يفهم معناه من ظاهر لفظه إما لأجل كونه لفظا مشتركا بين معان، وإما لكونه مما يستعمل مجازا لا حقيقة ؛ فمثال المشترك قول الله سبحانه: {وجوه يومئذ ناضرة(22) إلى ربها ناظرة(23)} [القيامة]، وذلك لأن لفظ النظر مشترك بين النظر الذي هو بمعنى البصر، والنظر الذي [هو] بمعنى الإنتظار؛ فلذلك لم يفهم معناه إلا بعد تأويله، وقد دل الدليل على أن الله سبحانه لم يرد به نظر البصر؛ لأن الله سبحانه قد نفاه في جوابه لموسى - صلى الله عليه - حين قال: {رب أرني أنظر إليك قال لن تراني} [الأعراف:143]، فدل بنفيه للرؤية على أن النظر الذي أراده موسى - عليه السلام - هو نظر البصر، وعلى أنه سبحانه لا يرى، وعلى أن المحكم هو قوله سبحانه: {لا تدركه الأبصار} [الأنعام:103] ، وعلى أن المجبرة من جملة من أخبر الله سبحانه أنهم اتبعوا المتشابه لأجل ما في قلوبهم من الزيغ.
صفحه ۴۷