ومثال ما لا يصح في اللفظ ولا في المعنى: هو تحقيقهم أيضا للذات بأنه ما يصح العلم به على انفراده، وذلك لأنه يستحيل عندهم خلو الذات وانفرادها عن صفتها الأخص التي زعموا أنها لا شيء ولا لا شيء، والإستحالة نقيض الصحة؛ لأنه لا يجتمع، ولا يجوز القول بأنه يصح انفراد الذات عما يستحيل انفرادها عنه؛ فتأمل ذلك وما أشبهه من حقائقهم التي ليست شيئا سوى لفظ الدعوى صحيحة كانت أو باطلة.
وكل ما كان كذلك فهو موضوع، وأصل للتغرير والتلبيس، وتسميته
علما ودليلا تدليس وتمويه على من يوهمونه أنهم بلغوا في تدقيق النظر وفي معرفة علم التوحيد إلى حيث ما لم يبلغ أئمة العترة - عليهم السلام -.
[الكلام في الفرق بين حد العقل والغلو]
وأما الكلام في الفرق بين حد العقل والغلو: فاعلم أن العقل من جملة الفضائل التي جعل الله سبحانه لكل واحدة منها منزلة محمودة متوسطة بين طريقين مذمومين نحو السخاء المحمود المتوسط بين التقتير والتبذير، والعدل المتوسط بين الإهمال والجور.
وكذلك العقل فإنه متوسط بين التفريط والإفراط، ومثله في هدايته للعلم المتوسط بين الجهل والغلو كمثل من يسير بمن اتبعه في طريق معلوم لغرض مفهوم إلى حد مقصود.
والغلو: هو المروق والتعدي لحد العقل إلىالطريق المذموم، وهو الإفراط، ومثله في الإضلال كمثل من يسير بمن اتبعه في غير طريق لا لغرض ولا إلى حد، وهو ثلاثة أضرب:
صفحه ۴۵