مجموعه منصوری، جلد دوم (بخش اول)
المجموع المنصوري الجزء الثاني (القسم الأول)
ژانرها
فإن أردت زيادة يقين في ذلك تعرفه بالبرهان، فقد علمت أن التكليف لا يتعلق بما لا يدخل تحت الإمكان، وقد علمت أن فرض الإمامة عام وذلك مدع للإمامة، وهذا موضع شبهة، فلا بد أن يجعل الله تعالى إلى العلم بحاله طريقا ليكون هلاك من يهلك في أمره بعد إزاحة العلة بحالة تحصل على سبيل الجملة أو التفصيل، وكل واحد من الأمرين كاف في زوال حكم التكليف عن المكلف، هذا وقد أجمعت الزيدية والإمامية والمعتزلة وأكثر الأمة على وجوب الإمامة في كل عصر، وأن لا بد من الإمام يجمع أمر المسلمين، ويمنع بعضهم من بعض، وينفذ الأحكام، ويقيم الحدود، ويغزو ديار الكفر، ويقسم الفيء والغنائم والصدقات، فهذا إجماع هذه الفرق وإن اختلفوا في بعض أحوال الإمام وفيما لأجله يحتاج إلى الإمام على إجماع هذه الفرق كلها أن لا بد من جمعه لخصال الفضل والصلاح، وإن تعدى بعضهم إلى أن أوجب في حقه أكثر مما يشرط في حق النبي صلى الله عليه وآله وسلم من علم الغيب وما جرى مجراه، وخالف في هذه الجملة أهل الحشو وقالوا: الإمامة ليست بفرض إن أصلح الناس نفوسهم، وسد كل إنسان جذبته، وقوم من تحت يده، وإن تعذر ذلك حسن أن ينصب الناس إماما عادلا صالحا؛ فالأمة عموما ضلالها وصلاحها مجمعة أن لابد من صلاح الإمام، وما خالف في ذلك إلا متأخري المتفقهة المتحيلون الذين أكلوا الدنيا بالدين، ولبسوا للناس جلود الضأن من اللين، فإنهم أجمعوا في الأصل خوفا من المكاشفة بالمقت على أن شرائط الإمام الإسلام، والذكورة، والورع، والعلم، والكفاية، ونسب قريش، ثم قالوا بعد ذلك: لو تعذر وجود العلم والورع فيمن ادعى الإمامة وبايعه الأكثر، وكان في صرفه إثارة لفتنة لا تطاق فإن إمامته تصح. قالوا: لأن ما يلقى المسلمون من الضرر يزيد على ما يفوتهم بضرر نقاضته عن هذه الخصال، فهذا كما ترى من علماء السوء يريدون استدرار عطيات هؤلاء المسميين بالإمامة من بني العباس، وإنما أطبق الناس على هذا لأن أدلته ظاهرة من الله تعالى؛ لأن الله تعالى أمر بقطع السارق فقال تعالى : ?والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما?[المائدة:38]، وأمر بإقامة الحد على الزناة فقال تعالى : ?الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة?[النور:2]، وغير ذلك من الأمر بالجهاد، وحرب المشركين، وقتل المحاربين إلى غير ذلك من أحكام الدين، وهو أمر والأمر يقتضي الوجوب، والإجماع منعقد أن ذلك لا يكون إلا للأئمة، فلا بد من إمام بأدلة نصوص الكتاب وبالإجماع، وبعض ذلك كاف في صحة الاستدلال.
صفحه ۱۳۴