فإن قيل: فإن الظن مأخوذ به في أبواب لايستند فيها إلا إلى أمارات كمواضع من القياس وتقدير أروش الجنايات وتقويم المتلفات.
قيل: يمكن الجواب أن الشارع علق الأحكام فيها على حصول الأمارات لا لأجل الظن، سلمنا، فمع قيام الدليل القاطع أن الأحكام معلقة فيها على الظن فتخص هي لاغيرها، ويبقى ماعداها على مقتضى دليل العموم، فتأمل.
رجعنا إلى كلام الإمام، قال عليه السلام: وهذا الصحيح الأخذ به عرضا على قوله تعالى: ((لتبين للناس ما نزل إليهم)) والتعميم والتخصيص نوع من البيان اللغوي.
حتى قال: والقسم الخامس: مالايمكن عرضه ولايوجد في الكتاب العزيز مايبطله ولامايصحه.
قلت: أراد الإمام عليه السلام أنه لم يوافق لأن الموافقة: المماثلة والمشاكلة، ولم يخالف لأن المخالفة: المعارضة والمناقضة، ومن لم يحسن النظر في معنى الخبر الشريف توهم حصر مافي السنة على موافقة الكتاب أو مخالفته ومن هنا أتي، لأنه حمل الموافقة على المماثلة ولا إشكال، وحمل المخالفة على المغايرة، فلم يبق له عنده في السنة ثمرة، لأنه إن وافق _أي أتى بمثل الحكم_ الذي في الكتاب فليس إلا مؤكدا، وإن خالف _أي لم يأت بمثله_ كان مردودا، ولزم على كلامه هذا أن لاتفيد السنة حكما مؤسسا.
وقد أزال الإمام صلوات الله عليه ماكان ملتبسا بحجج مشرقة الصباح مسفرة المصباح. قال عليه السلام: وهذا الصحيح قبوله لقوله تعالى: ((وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا)) وهو نوع من العرض الجملي، ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (( أعطيت الكتاب ومثليه )). ولقوله تعالى: ((لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة)) إلى غير ذلك.. الخ كلامه عليه السلام.
صفحه ۸