وأجاب الإمام عليه السلام عن هذا بما نصه من أثناء كلام: ومثل حديث قل هو الله أحد مع كونه ظنيا لايعمل به في مسائل الأصول إلا مؤيدا لغيره يمكن تأويله بأن المراد من رآه في رفاقته من أهل الكبائر. أخرجه من مرافقته في حال الجواز على الصراط عند الإطلاع على النار لأنه في سياقه والمقصود الطريق الموصلة إلى الجنة. وقوله بذنب غير شرك. لأن المشرك لايطمع في مرافقته من أول وهلة، يؤيد هذا التأويل قوله تعالى: ((قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا)) [الحديد:13] ونحو ذلك من التأويلات التي هي أولى من الرد إلى أن قال عليه السلام: وإن ورد مالايمكن تأويله وجب رده كما هي القاعدة المقررة ولايقدح ذلك في ناقله ولاكتابه، أما ناقله فالخطأ والنسيان والوهم تجوز على البشر، وإنما هو ناقل روى ماسمع، وإنما يقدح ماكان عمدا، ولهذا قال صلى الله عليه وآله وسلم: ((من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار)) فقيده بالعمد وكثير من أفراد الأحاديث نظر عليها وحكم بعدم صحتها ولم يعد ذلك قادحا في الناقل ولافي كتابه، وأما الكتاب فلبقاء الظن بصحته وكمال شروط الرواية في باقيه. انتهى المراد من كلام الإمام عليه السلام وفيه كفاية وافية وهداية شافية لمن ألقى السمع وهو شهيد.
وقد أشار بقوله عليه السلام: ونحو ذلك من التأويلات. إلى أن المقصود الحمل على خلاف الظاهر بأي تأويل ممكن فإن القرائح والفطن متباينة والأنظار متفاوتة فمن لم يسغ له هذا أو رأى غيره أرجح منه عدل إليه ومن تعذر كل ذلك عليه فقد وجب عليه اطراحه كما تقدم بيانه ((لا يكلف الله نفسا إلا وسعها)) [البقرة:286] وهي منح ربانية وقسم إلهية ((ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء)) [المائدة:54]، ((ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء)) [آل عمران:74].
صفحه ۵۹