خمسة وستمائة عالم وأديب استحق هذا اللقب بآثاره العلمية وشهرته في الوسط العلمي كما يتضح من طريقة عرضه لتاريخهم العلمي، وهذا ما نوه عنه الأستاذان الفاضلان في مقدمة المختصر.

(( وبعد فإن كتاب (نشر النور والزهر في تراجم أفاضل مكة المكرمة من القرن العاشر إلى القرن الرابع عشر) هو من خير ما صادفناه من كتب تراجم العلماء والأدباء وقد استوفى فيه مؤلفه الجليل الشيخ عبد الله أبو الخير مرداد أخبار أكثر من عاشوا في أم القرى خلال القرون الخمسة الأخيرة من علماء أجلاء شغلوا في أزمانهم مناصب القضاء والتدريس والإمامة، والخطابة، وألفوا عشرات الرسائل والكتب، وكان من بين من ترجم لهم أيضاً أدباء وشعراء أورد لنا الكثير من منظومهم، وغير قليل من أخبارهم وطرائفهم، وبهذا جعل من كتابه موسوعة بحق يزدان بها تاريخنا العلمي والأدبي ... وإن كان قد فاته كما نرى أن يذكر لنا تراجم أفاضل آخرين من علماء وأدباء تلك الفترة ولعلّ عذر المؤلف - رحمه الله - أن مصادره لم تسعفه بأن يستوفي كل التراجم، أو أن وقته لم يتح له بذلك ... )). ^(١)

ولا يتأتى بطبيعة الحال أن يتوفر مثل هذا العدد الكبير من العلماء والأدباء إلا عند وجود حركة علمية نشطة وهذه هي النتيجة التي انتهى إليها كل من الأستاذين أحمد علي ومحمد سعيد العامودي في المقدمة والتي سبق أن توصل إليها الدكتور محمد عبد الرحمن الشامخ، والمستشرق الهولندي سنوك هرجرونجه - في قولهما: (( كلمة أخيرة نود أن نقولها عن كتاب (نشر النور والزهر) للشيخ عبد الله مرداد يرحمه الله - هي أننا على يقين من أن قارئه في هذا المختصر سوف يشعر بارتياح عظيم حين يتبين له من خلال كل سطوره أن حركة التعليم الديني في أم القرى لم تتوقف أو تضعف في أي عهد من العهود .. برغم كل الظروف والأحداث والفتن، وإنما ظلت مستمرة مضيئة منذ القرن الهجري الأول إلى اليوم، وهذا من فضل الله - ولا شك- وحدبه ورعايته للبلد الأمين)). ^(٢)

ومن خلال هذه الوثائق التاريخية، والحقائق العلمية يتبين القارئ مدى ظلم وإجحاف المؤرخين بتغاضيهم عن التنويه وتوجيه العناية إلى المركز العلمي لمكة المكرمة على مرّ العصور الإسلامية عندما تذكر المراكز العلمية في العالم الإسلامي، فإن ذكرت فإنما تذكر في القرون الإسلامية المبكرة، ولعل الدراسات العلمية والتاريخية الحديثة ترد لها بعض حقوقها وتضعها في