============================================================
المبحث الثاني (المحكم والمتشابه في القرآن العظيم ولم يكتف علماء المجسمة بالإنكار على الإمام الترمذي تأويله السابق، بل شنعوا عليه ووصفوه بالبدعة المخرجة عن الإسلام والإيمان، وذلك بسبب أنه رد عقيدة اجلاس الله لسيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم معه على العرش يوم القيامة، فقد قال أبو بكر الخلال (ت/311ه) ناقلا عن أبي بكر ابن إسحاق الصاغاني (ت/ 270ه) وهو من مجسمة بغداد: "لا أعلم أحذا من أهل العلم ممن تقدم، ولا في عصرنا هذا إلا وهو منكر لما أحدث الترمذي من رد حديث محمد بن فضيل، عن ليث، عن مجاهد في قوله: { عسى أن يبعثك رتك مقاما محمودا}، قال: "يقعده على العرش"(1). فهو عندنا جهمي، يهجر وتحذر عنه"(2).
تأويل الحافظ المفسر ابن جرير الطبري (ت/ 310ه): قال الحافظ ابن جرير الطبري في تفسير قول الله تعالى: ثم أستوى إلى السماء فسونهن سبع سملوات* [البقرة /29]: "وأؤلى المعاني بقول الله جل ثناؤه: ثم أستو الى السماء فسوهن}، علا عليهن وارتفع فدبرهن بقدرته وخلقهن سبع سموات (...)، فكذلك فقل: علا عليها علو ملك وسلطان لا علو التقال وزوال"(3).
تأويل الحافظ ابن حبان البشتي صاحب الصحيح المشهور (ت/354ه): أول الحافظ ابن حبان حديث: "ايلقى في النار، فتقول: هل من مزيد؟ حتى يضع الرب جل وعلا قدمه فيها، فتقول: قط قط"(4). فقال بعد روايته له: "هذا الخبر من الأخبار التي (1) حديث مكذوب على مجاهد رحمه الله تعالى، أورده الشيخ محمد ناصر الدين الألباني في لاسلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيء في الأمة" (255/2) (رقم/865)، وقال عنه: "باطل".
(2) أبو بكر الخلال، الشنة (232/1).
(3) الطبري، جامع البيان في تأويل القرآن (1/ 430) .
(4) تقدم سابقا (ص/88) و(ص/731): أن بعض الحفاظ والعلماء أولوا لفظ "القدم" الوارد في هذا الحديث بأن معناه: "من سبق في علمه أنه من أهل النار"، وعد بعضهم الآخر أن هذا-
صفحه ۱۳۸