مجالس في تفسير قوله تعالى: {لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم}
مجالس في تفسير قوله تعالى: {لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم}
ژانرها
ويرجعان إلى المبدأ والمعاد، ولم يحصل العلم بذلك، وكيفية العمل بما شرع أمرا ونهيا وغير ذلك، إلا من جهة نبينا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام؛ فلولاه ما عرف الهدى من الضلال، ولا الحرام من الحلال، ولا قواعد العقائد أصلا وفرعا، ولا شعائر الشرائع نقلا وشرعا ، ولا أمر المعاد وما فيه من الأخطار: كالحشر والنشر، والجزاء والقصاص، والجنة والنار، وكيف طريق السلامة في الدنيا، والنجاة يوم القيامة، مما بينه النبي صلى الله عليه وسلم لهذه الأمة، فأي نعمة أعظم من بعثة هذا النبي، نبي الرحمة، الذي عرف كل ذلك من قبله واعتمد عليه، وحصلت سلامة المؤمنين ونجاتهم على يديه؟!
ولعظم هذه النعمة التي هي أجل الإنعام، أخبر الله تعالى عنها مؤكدة باللام فقال تعالى: {لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم}، ولم يذكر سبحانه اسما من أسمائه الحسنى في هذه الآية سوى هذا الاسم الشريف وهو (الله) إشارة -والله أعلم- إلى أنه لما كان قدر هذا الرسول عظيما ذكر مرسله سبحانه اسمه الأعظم الدال على العظمة حين ذكر منه ببعثته في المؤمنين رسوله محمدا، كما قال في الآية الأخرى: {محمد رسول الله، والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم}.
وأيضا أهل الملل الذين يعتقدون الصانع، وأنه الله، يعلمون أن النعم كلها من الله، فذكر الرب سبحانه عند ذكر نعمته ببعثة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم اسمه الذي هو (الله) ليعلم المؤمن والكافر أن بعثة هذا الرسول من نعم الله الذي جميع النعم منه. قال الله عز وجل:
{قل من رب السموات السبع ورب العرش العظيم؟ سيقولون: الله، قل أفلا تتقون. قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون؟ سيقولون: الله، قل فأنى تسحرون. بل أتيناهم بالحق وإنهم لكاذبون. ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله، إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض، سبحان الله عما يصفون. عالم الغيب والشهادة فتعالى عما يشركون}.
صفحه ۱۸۹