قال: قلت: يا أبا محمد، إذا كنت ممن يرجو رحمة الله فطنت، وقد عرفنا الله بأهل الرجاء لرحمته. فقال تبارك وتعالى: {إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله} [البقرة: 218]، وروي أيضا عن النبي صلى الله عليه، أنه لما انصرف من جهاد بدر، قال: ((إنصرفنا من الجهاد الأصغر، إلى الجهاد الأكبر)) قالوا: يا رسول الله، أليس قد قتلنا وقتلنا وجرحنا وجرحنا. فقال عليه السلام: ((جهاد المرء لنفسه أشد من جهاده لعدوه)).
قال: وجاء رجل أعرابي إلى النبي صلى الله عليه، فقال: يا نبي الله، إليك الهجرة فإذا مت انقطعت الهجرة. فقال صلى الله عليه: ((يا أعرابي، إذا هجرت الخطايا والذنوب فأنت مهاجر ولو مت بالحضرة))، وروي عن النبي صلى الله عليه وعلى أهله، أنه قال: ((الأيمان قول مقول، وعمل معمول، وعرفان بالعقول))، فقد بينت لكم الجهاد، والهجرة عن النبي صلى الله عليه، والأيمان أيضا. فهؤلاء أهل الرجاء لرحمة الله، فإن كنتم هؤلاء فهذا حسن، وإن كنتم من غيرهم فالقول ما شئتم. قال: فلم يجيروا جوابا.
صفحه ۲۵