مائدة افلاطون: کلام در عشق
مائدة أفلاطون: كلام في الحب
ژانرها
وعمل الإنسان هو أن ينتقل من المنتقل إلى الثابت، ومن الظواهر إلى الكائنات، ومن الظن إلى العلم، وهذا مشكل يظهر أنه مستحيل الحل ما دمنا في عالم الحس، ولا نحيط فيما حولنا إلا بالظواهر، وكيف ونحن مساجين في الزمان نستطيع الارتفاع إلى الأزل؟
على أن طريقة أفلاطون في الوصول عن طريق المعلومات العادية من الظاهر إلى الكائن طريقة معقولة، وليست طريقة صوفية، ولكنها لا تتم لنا إلا بانتقال بطيء منطقي. وبين الظواهر والحقائق المعقولة عدة وسائط ترشدنا من الواحدة إلى الأخرى، ولكن بين المحسوسات والمعقولات هوة لا يمكن أن يملأها المنطق. وملاحظة الظواهر يمكن أن تعلمنا قوانين الظاهر، ولكن لا يمكنها أن تعطينا الوجود المعقول.
يقول أفلاطون إن المعنى غير مستنتج، إنما هو مشاهد، وعمليات المنطق الانتقالية لا عمل لها إلا إعداد الإدراك الذي يكشف لنا عن المعنى؛ ولكن كيف يمكننا، ونحن مغموسون في الظاهر، إدراك الحقائق الأزلية؟ قال سقراط من قبل إن العلم لا يأتي من الخارج، وإن الإنسان يجد حقيقة ذاته من ذاته وفي نفسه، وإن الأستاذ لا يستطيع إلا توليد الحقائق التي تحملها نفس تلميذه بواسطة الأسئلة الدقيقة. وأفلاطون يفسر الميوطيقي (التوليد) بالتذكر، فيقول: إن النفس عاشت قديما في السماء بقرب الأرباب متفرغة إلى التأمل في الأرواح؛ فالعالم العقلي هو بيئتها، ولكن في القوانين السائدة أن النفوس التي تغيب عنها الأرواح تفقد أجنحتها، وتسقط في جثة أرضية؛ فالحياة الأرضية هي سقطة، وانحطاط. وذكرى الوطن السماوي غامضة فينا، ولكنها غير ميتة؛ فعندما نرى في الأرض في نظام الطبيعة صورة النظام العقلي الذي سبق للنفس التأمل فيه تتبدد الظلمات، ونجد حالا في نفوسنا الأفكار التي كانت حية كامنة ولم تمت.
البصيرة أو الذكاء الخالص (المدرك) يعده الفكر المنتقل ، وهذا الفكر المنتقل يتبع قاعدة مطروحة كفرض (الواحد - المتعدد الوجود - العدم) إلى آخر نتائجه، وكذلك العقل المدرك يتبعه العقل المنتقل الذي يمعن النظر في المعنى لينيره، ويكشف عن علاقاتها بغيرها، وأسلوبه أن يضع أصلا يفترضه، ويستنتج منه نتائجها إلى آخرها، واكتشاف علاقات الأفكار ببعضها البعض أهم أعمال المتكلم. وبعد أن يعبر عن وحدة المعنى بالتعريف ينبغي بالتقسيم تبيين أجزائها؛ فحياة الفكر هي في الانتقال من وحدة المبدأ إلى تعدد النتائج، ومن وحدة النوع إلى تعدد الأجناس، وفي تبيين علاقات الأفكار ببعضها البعض؛ فالوحدة المطلقة التي قال بها بارمنيد هي السكوت والموت. والتعدد المطلق الذي قال به تلاميذ هيراقليط هو الفوضى والاضطراب، وفي الحالين يستحيل الفكر والقول، والحكم يقتضي الجمع بين الأنواع. لا ريب في أن المعنى لا يستطيع أن يصير مناقضا لذاته، ولكن هذا لا يقصد به أن صفتين؛ أي نوعين مختلفين متناقضين، لا يمكنهما أن يتحدا في موضوع واحد، بحيث يصير هذا الشيء الواحد في حين واحد متشابها وغير متشابه، واحدا ومتعددا، ولا مانع من أن جوهرا يكتسب من علاقته بالجواهر معنى أو صفات أخرى، ما دامت هذه الصفات الأخرى لا تلاشي الجوهر الذاتي؛ فإذا كان الإنسان إنسانا فما الذي يمنعه أن يكون في الوقت نفسه خيرا؟ إن اكتشاف العلاقات التي تربط المعاني، وتتبع المشاركة المتبادلة بين الجواهر هذا هو العلم بعينه. (3) الكلام وما وراء الطبيعة - المعاني - علاقتها ببعضها وبالعالم الحسي
المنطق وما وراء الطبيعة لا ينفك أحدهما عن الآخر، وأفلاطون يعتقد أن هذين العلمين غير متعددين، بل هما علم واحد؛ والأمر الحقيقي المعقول هو أنهما ممتزجان، والحركة المنطقية التي ترفعنا إلى المعاني تمكننا من إدراك الوجود الحقيقي. والفكرة في نظر أفلاطون ليست هي الفكرة العامة؛ وذلك لأنهما لا تتكونان بعمليات متشابهة، ولأجل التعميم ينبغي مقارنة عدة أفراد فيجرد كل من صفاته الشخصية، ثم يعبر عن صورتها العقلية بعبارة واحدة؛ فالتعميم هو فكرة انتقالية، والفكرة في نظر أفلاطون تعطى لنا بإدراك مباشر تعده العمليات المنطقية، ولا يمكن لها أن تحل محله. وفي المحل الثاني الفكرة العامة تعبر عن وسط، فلا تستطيع أن تتجاوز الحقيقة؛ لأنها مستنبطة منها، وأضيق منها؛ أما الصفة المميزة للفكرة في نظر أفلاطون فهي الكمال والنقاء المطلق بدون اختلاط، بخلاف الأشخاص المتعددة المتغيرة؛ فإن الصفات فيها لا تكون صافية وكاملة، والمساواة الحقيقية هي التي لا تقبل غير المساواة، والوحدة الحقيقية لا تقبل التعدد، والتعميم يقودنا من تجربة إلى تجربة إلى معنى الكائن غير المحدد، وهو أفقر وأفرغ المعاني. والأمر على عكس ذلك فيما يتعلق بالكلام؛ فإنه يصل بنا إلى أصدق أنواع الحقيقة، وإلى الكائن الذي هو مبدأ سائر الوجود، وإلى الخير الأعلى الذي يشمل في ثروته سائر أنواع الكمالات. ثم إن الفكرة العامة هي إدراك أي فعل من أفعال العقل لا وجود له خارج العقل. أما أفلاطون فيقول: إن المعنى موجود حقيقي، موجود في ذاته لا في شيء لا يكون هو إلا صفة له، ووجود المعنى على هذه الصورة هو وجود أزلي لا يتحول؛ فالظواهر تمضي وهو باق، ويوجد على الدوام شيء يجعل في حيز الممكنات وجود الإنسان الذي يولد ويموت، وهذه الحقيقة التي يمكن فهمها، والتي كمالها سبب سائر الكمالات التي يظهرها الإنسان، هي فكرة الإنسان، بل هي الإنسانية بذاتها.
إن الأفكار تكون جملة أو تعددا، ولكن الوحدة هي قانون العقل الذي لا يقف إلا عند المعقول الأعلى؛ أي فكرة الفكر، وعند المبدأ الذي يجمع بين سائر الكمالات.
يقول أفلاطون: إن سائر الكائنات المعقولة تستمد من الخير وجودها وجوهرها، وفي أواخر حدود العالم المعقول توجد فكرة الخير التي تدرك بصعوبة، ولكن متى أدركت يستنتج مدركها أنها سبب كل جميل، وكل خير؛ فإذا كانت فكرة الخير هي علة سائر الأشياء الجميلة الخيرة، فهي إذا المبدأ الذي يضم سائر الفكر وأنواع الكمالات.
فلفظ الكلام هو قاعدة أو مبدأ الوجود، والمعنى هو الخير، هو هذا الشيء المستغني الذي لا يفرض شيئا آخر، بل هو الله.
وإن إله أفلاطون وإن كان فكرة فإنه في عرفه حي وحقيقي؛ يقول أفلاطون : هل يمكن أن يقنعونا بسهولة بأن الحركة والحياة والنفس والمعنى لا تلائم الوجود المطلق، وأن الكائن لا يعيش، ولا يفكر، وأنه باق بلا حركة، وبلا نصيب في الذكاء العظيم المقدس.
ويعطي أفلاطون دليلا على وجود الإله، وهو دليل المحرك الأول؛ أي بالعلة الفعالة، فيقول: كيف يظن أن ما يحركه الغير يكون هو مبدأ التحول والحركة؟ والله هو مبدأ الحركة في العالم، ولكن الذي يثبت وجود الخير الأعلى هو وجود الخير في الطبيعة وجودا ظاهرا. والدليل الثاني هو بواسطة العلل النهائية إذا كان من الحقيقي أن الحركات والثورات في السماء وفي سائر الأجرام السماوية تشبه حركة الذكاء، وتشبه عملياته وتعليلاته، فينبغي أن نستنتج أن روحا مملوءا بالخير يحكم هذا الكون، وأنه يقوده كما يريد.
صفحه نامشخص