وفيه أن النبي ﷺ لما قام على قتلى بدر وقال: "هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقًا؟ " قال عمر: "يا رسول الله ما تُكلمُ من أجساد لا أرواح١ فيها". فقال النبي ﷺ: "والذي نفس محمّد بيده ما أنتم بأسمعَ لما أقول منهم" ٢.
وعن ابن عمر ﵄ قال: "لما أراد النبي ﷺ أن يصلي على عبد الله بن أبي، جذبه عمر، وقال: "أليس الله نهاك أن تصلي على المنافقين؟ "، فقال: "أنا بين خيرتين: ﴿اسْتَغْفِرْ لَهُم أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُم إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ﴾، فنزلت: ﴿وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحْدٍ مِّنْهُمْ مَّاتَ أَبَدًا﴾ [التوبة: ٨٠، ٨٤] ٣.
وفي رواية: "فلما وقف عليه يريد الصلاة تحولتُ حتى قمت في صدره، فقلت: "يا رسول الله أعلى عدوّ الله ابن أبي القائل يوم كذا كذا وكذا وكذا، أعدد أيامه،؟ "، قال ورسول الله ﷺ يبتسم، حتى إذا أكثرتُ عليه قال: "أخِّرْ٤ عنّي يا عمر إني خيّرت فاخترت قد قيل: ﴿اسْتَغْفِرْ لَهُم أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُم إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ﴾ [التوبة: ٨٠]، ولو علمت أني إن زدت على السبعين غفر لهم لزدت".
ثم صلى عليه ومشى معه، فقام على قبره حتى فرغ منه، فعجبًا لي ولجرأتي على رسول الله ﷺ والله ورسوله أعلم، فو الله ما كان إلا يسيرًا حتى نزلت هاتان الآيتان: ﴿وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحْدٍ مِّنْهُمْ مَّاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَى
١ في الأصل: (رواح)، وهو تحريف.
٢ البخاري: الصحيح، كتاب المغازي ٤/١٤٦١، رقم: ٣٧٥٧، بأطول، وأخرجه بنحوه مسلم: الصّحيح، كتاب الجنائز ١/٦٤٣، رقم: ٩٣.
٣ البخاري: الصحيح، كتاب الجنائز ١/٤٢٧، رقم: ١٢١٠.
٤ أي: تأخر: وقيل معناه: أخّر عني كلامك. (فتح الباري ٨/٣٣٧) .