محاسن التأويل
محاسن التأويل
ژانرها
وقوله ( والذين هادوا ) أي تهودوا. يقال : هاد يهود ، وتهود ، إذا دخل في اليهودية. هو هائد ، والجمع هود. وهم أمة موسى عليه السلام ، وإنما لزمهم هذا الاسم ، لأن الإسرائيليين الذين رجعوا من جلاء سبعين سنة ، ومن سبي بابل إلى وطنهم القديم ، كان أكثرهم من نسل يهوذا بن يعقوب (بالذال المعجمة فقلبتها العرب دالا مهملة).
وقوله تعالى : ( والنصارى ) جمع نصران ، كندامى جمع ندمان ، يقال : رجل نصران ، وامرأة نصرانة ، والياء في نصراني للمبالغة ، كما في أحمري ، سموا بذلك لأنهم نصروا المسيح عليه السلام كذا في الكشاف أو هو جمع نصراني ، مغير عن ناصري ، نسبة إلى ناصرة القرية المعروفة وقد نسب إليها المسيح عليه السلام ، لأنه ربي بها. وجاء في الإنجيل «يسوع الناصري». وقوله تعالى : ( والصابئين ) جمع صابئ ، ويقال لهم الصابئة. قال ابن جرير : الصابئ هو المستحدث ، سوى دينه ، دينا ، كالمرتد من أهل الإسلام عن دينه. وكل خارج من دين كان عليه إلى آخر غيره تسميه العرب «صابئا» يقال منه : صبا فلان يصبو صباء ، ويقال : صبأت النجوم إذا طلعت. وقد اختلف أهل التأويل فيمن يلزمه هذا الاسم ، من أهل الملل. فقال بعضهم : يلزم ذلك كل من خرج من دين إلى غير دين. وقالوا : الذي عنى الله بهذا الاسم قوما لا دين لهم. فعن مجاهد : الصابئون ليسوا بيهود ولا نصارى ، ولا دين لهم. وعن ابن زيد : الصابئون دين من الأديان كانوا بجزيرة الموصل ، يقولون لا إله إلا الله ، وليس لهم عمل ولا كتاب ولا نبي. وعن قتادة : أنهم قوم يعبدون الملائكة.
وقال الإمام الشهرستاني ، في الكلام عن الصابئة ما مثاله : والصبوة في مقابلة الحنيفية. وفي اللغة : صبا الرجل إذا مال وزاغ. فبحكم ميل هؤلاء عن سنن الحق وزيغهم عن نهج الأنبياء قيل لهم : الصابئة. وهم يقولون : الصبوة هو الانحلال عن قيد الرجال. وإنما مدار مذهبهم على التعصب للروحانيين ، كما أن مدار مذهب الحنفاء هو التعصب للبشر الجسمانيين. والصابئة تدعي أن مذهبها هو الاكتساب ، الحنفاء تدعي أن مذهبها هو الفطرة. فدعوة الصابئة إلى الاكتساب ، ودعوة الحنفاء إلى الفطرة. فالصابئة قوم يقولون بحدود وأحكام عقلية ، ولا يقولون بالشريعة والإسلام. فيقابلون أرباب الديانات تقابل التضاد. والصابئة الأولى الذين قالوا بعاذيمون وهرمس ، وهما شيت وإدريس ، ولم يقولوا بغيرهما من الأنبياء. وهم أصحاب الروحانيات. فيعتقدون أن للعالم صانعا حكيما مقدسا عن سمات الحدثان.
صفحه ۳۱۸