محاسن التأويل
محاسن التأويل
ژانرها
وجوه : على التحية لذلك المكان ، ويحتمل على الشكر له لما أهلك أعداءهم الجبارين ، ويحتمل الكناية عن الصلاة إذ العرب قد تسمي السجود (صلاة) كأنهم أمروا بالصلاة فيها ، ويحتمل أن الأمر بالسجود لا على حقيقة السجود والصلاة ولكن أمر بالخضوع له والطاعة والشكر على أياديه ، والله أعلم.
وقوله تعالى : ( وقولوا حطة ) خبر محذوف ، أي مسألتنا حطة والأصل النصب بمعنى : حط عنا ذنوبنا حطة ، وإنما رفعت لتعطي معنى الثبات.
وقوله سبحانه ( فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم ) أي : بدلوا أمره تعالى لهم بدخول الأرض مجاهدين بالإحجام عنه ، وتثبيط الناس. ولذا قال أبو مسلم «قوله تعالى : ( فبدل ) يدل على أنهم لم يفعلوا ما أمروا به ، لا على أنهم أتوا له ببدل. والدليل عليه : أن تبديل القول قد يستعمل في المخالفة. قال تعالى : ( سيقول المخلفون إذا انطلقتم ) إلى قوله ( يريدون أن يبدلوا كلام الله ) [الفتح : 15] ولم يكن تبديلهم إلا الخلاف في الفعل لا في القول. فكذا هنا ، فيكون المعنى : إنهم لما أمروا بدخول الأرض وما ذكر معه لم يمتثلوا أمر الله ، ولم يلتفتوا إليه».
وفي تكرير ( الذين ظلموا ) زيادة في تقبيح أمرهم ، وإيذان بأن إنزال الرجز عليهم لظلمهم. و (الرجز): هو الموت بغتة ، كما تقدم.
قال الراغب : وتخصيص قوله ( رجزا من السماء ) هو أن العذاب ضربان : ضرب قد يمكن على بعض الوجوه دفاعه ، أو يظن أنه يمكن فيه ذلك ، وهو كل عذاب على يد آدمي ، أو من جهة المخلوقات كالهدم والغرق. وضرب لا يمكن ولا يظن دفاعه بقوة آدمي كالطاعون ، والصاعقة ، والموت وهو المعني بقوله : ( رجزا من السماء ).
** القول في تأويل قوله تعالى :
( وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مشربهم كلوا واشربوا من رزق الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين ) (60)
هذا تذكير لنعمة أخرى كفروها. وروي في توراتهم أنه ارتحلت كل جماعة بني إسرائيل من برية سينا بأمره تعالى ، وحلوا في رقادين ، ولم يكن هناك ماء
صفحه ۳۱۲