296

معهم من التوراة. انتهى.

وتقييد المنزل بكونه مصدقا لما معهم ، لتأكيد وجوب الامتثال بالأمر ، فإن إيمانهم بما معهم مما يقتضي الإيمان بما يصدقه قطعا.

** تنبيه :

كثيرا ما يستدل مجادلة أهل الكتاب على عدم تحريف كتبهم بهذه الآية وأمثالها ، كآية : ( ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم ) [البقرة : 89] ، وآية ( ولكن تصديق الذي بين يديه ) [يونس : 37] وغيرهما. مع أنه ثبت بالبراهين القاطعة ذهاب قدر كبير من كتبهم ، واختلاط حقها بباطلها فيما بقي ، كما صنفت في ذلك مصنفات عدة. وقد رد استدلالهم بهذه الآية وأمثالها على ما ادعوه ، بأن معنى كون القرآن مصدقا لما معهم ، ما ذكرناه قبل في تأويلها. وحاصله أن ما أنزل عليه صلى الله عليه وسلم هو طبق ما عندهم من حقية نبوته ، وصحة البشائر عنه ، كما قال تعالى : ( ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم ) أي أنه عليه السلام جاء طبق ما عندهم عنه في التوراة والإنجيل ، بمعنى أن أحواله جميعا توافق البشائر ( ولا تكونوا أول كافر به ) يعني من جنسكم أهل الكتاب ، بعد سماعكم بمبعثه. فالأولية نسبية ، فإن يهود المدينة أول بني إسرائيل خوطبوا بالقرآن ، أو هو تعريض بأنه كان يجب أن يكونوا أول من يؤمن به لمعرفتهم به وبصفته ، ولأنهم كانوا المبشرين بزمان من أوحى إليه ، والمستفتحين على الذين كفروا به ، وكانوا يعدون أتباعه أول الناس كلهم ، فلما بعث كان أمرهم على العكس ، لقوله ( فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به ).

( ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا ) أي لا تعتاضوا عن الإيمان بآياتي وتصديق رسولي ، بالدنيا وشهواتها ، فإنها قليلة فانية ، فالاشتراء استعارة للاستبدال. ( وإياي فاتقون ) بالإيمان واتباع الحق ، والإعراض عن حطام الدنيا.

** القول في تأويل قوله تعالى :

* (ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون (42)

* وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين) (43)

( ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة

صفحه ۲۹۹