ذخائر العرب ٦٤:
مُقَدِّمَة ابْن الصَّلاح ومَحَاسِنُ الاصْطِلاح.
طبعة جديدة مُحَرَّرة.
د. عَائِشَةَ عَبْدالرَّحْمَن
(بنت الشَّاطِئ)
أستاذ الدراسات العليا
كلية الشريعة بفاس: جامعة القرويين.
دار المعارف.
1 / 1
الناشر: دار المعارف - ١١١٩ كورنيش النيل - القاهرة ج. م. ع
1 / 2
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
" إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ "
الإهداء
إلى مَن أعزَّني اللهُ تعالى بهِ أبًا تقيًَّا زكِيًَّا ومعلمًا مرشدًا ورائدًا ملهمًا وإمامًا مهيبًا قدوة: فضيلة والدي العارف بالله العالم العامل: " الشيخ محمد علي عبد الرحمن الحسيني "
نذرني ﵁ لعلوم الإِسلام، ووجهني من المهد إلى المدرسة الإسلامية، وقاد خُطاي الأولى على الطريق السوِيّ، يحصنني بمناعة تحمي فطرتي من ذرائع المسخ والتشويه.
وإلى أمي " السيدة فريدة عبد السلام منتصر " والجنة تحت أقدامها.
وإلى شيخي الإمام الجليل الأصولي: " الأستاذ أمين الخولي ".
الذي أدين له بتأصيل المنهج وترسيخ جذوري في المدرسة الإسلامية، وما علمني من أصول مناهجها وذخائر تراثها، ما أحقق به وجودي العلمي.
وإلى ابنتي الغالية، فقيدة العلم والشباب " الدكتورة أمين أمين الخولي " تفانت في طلب العلم، بذلًا وإِيمانًا ومجاهدة وتجلت لها في دراستها العليا للرياضيات بجامعة فيينا آيات القدرة الإلهية، وكانت المثال الأصيل النبيل لطالبة علم مصرية مسلمة، عربية.
سلام عليكم في جوار الله تعالى.
مع الصديقين والشهداء " وحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ".
1 / 3
بياض بالأصل.
1 / 4
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم رسل الله، وعلى آله وصحبه أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
" اللهمَّ يَسِّرْ وأَعِن ".
هذه الطبعة:
ظهرت الطبعة الأولى مِن (مقدمة ابن الصلاح ومحاسن الاصطلاح) من مركز تحقيق التراث بدار الكتب القومية بالقاهرة، سنة (١٣٩٤ هـ: ١٩٧٤ م) بعد أن استغرق طبعها في مطبعة الدار أكثر من خمس سنوات، في ظروف صعبة. فخرجت الطبعة مشوبة بأوهام وأخطاء وتصحيفاتٍ حاولتُ استدراك ما تنبه إليه منها وقتئذ، في ملحق بالطبعة لم يخل من وهم وخطأ وتصحيف، فضلًا عما فاتني من قصور في منهج التحقيق والتوثيق. وبلغ بي الضيق بذلك أن تمنيت على الله ﷿، أن ييسر لي قبل الرحيل، إعداد طبعة جديدة محررة متقنة. واستجاب الله لدعائي، له الحمد والمنّة، فعكفت على إنجاز هذه الطبعة المحررة، قدر ما وسع الجهد وأسعفت الوسائل.
لم يكن الأمر، كما في الطبعة الأولى، مجرد إخراج متن من (المقدمة والمحاسن) من أصول لهما موثقة. فكل منهما قد قرئ على مصنفه ووثقه بخطه. وقد ظل أولهما بوجه خاص، مشغلة علماء الحديث من عصر ابن الصلاح فما بعده، بحيث يمكن لأهل الاختصاص التنبه إلى ما قد يقع في طبعاته، وقد تعددت، من أخطاء وأوهام.
1 / 5
بل الأمر فيما ينبغي لتوثيق المتن، من مقابلة كل ما فيه من نقول على أصولها في الكتب التي نقل منها المصنف، صرَّح بأسمائها أو أبهم. واقتضى هذا وجوب البدء أولًا بجمع ما وصل إلينا من الكتب المصرح بها في نقول ابن الصلاح والسراج البلقيني، ومنها نوادر غير متداولة، ما بين مطبوع ومخطوط .. والمطبوع قلما يخلو من تصحيف وخلل ووهم، والمخطوطات لا تسلم من طمس وتآكل وخرم، وغالبًا ما تكون كلماتها غير منقوطة، ومتونها خالية من الفواصل وعلامات الترقيم، وقد تكون على هوامشها إضافات دون علامة لمخارجها، تميز ما هو منها لحق لسقطٍ من المتن، وما هو من الحواشي عليه، للمصنف أو لغيره.
وكشفت المقابلة للنقول في (المقدمة والمحاسن) على ما تيسر لي من مصادرها، عن مواضع غير قليلة من الإِدراج والسقط والوهم، ما كان يمكن اتقاؤها ومصادر النقل ليست بين أيدينا، فكان أن تورطنا في ضبطها على السياق، اجتهادًا فيما لا مجال فيه لاجتهاد. كما وجهت المقابلةُ إلى ما يكون من اختلاف النقل عن نصه في المصدر المنقول منه. وقد جرينا فيما مضى على اعتماد مصادر النقل في مواضع الاختلاف، دون أن نقدر احتمال أن يكون النقل صحيحًا، وأن الخطأ في المصدر أو المرجع المنقول منه، لوهم من مؤلفه أو ناسخه أو ناشره وطابعه، وبهذا تثقل تكاليف التحقيق بالرجوع إلى مصادر أخرى مما يُحتكَم إليه في مثل هذا الاختلاف.
وكان من الإِخلال بقواعد المنهج كذلك، أن قصرتُ في الطبعة الأولى في تخريج الأحاديث بالمقدمة والمحاسن، اقتصارًا على الاطمئنان إليها بوجودها في كتب الحديث والسنن. وما كان ينبغي أن أغفل أن علماء المصطلح يشغلون بالحديث المرفوع أو الموقوف والمرسل والمنقطع والمقطوع والمعضل، والمدرج والشاذ والغريب، والمعلل، والضعيف، والمدلس والمنسوخ، والموضوع .. وذلك كله مما لا شأن لمفهرسي الأحاديث به، وقد يكون الحديث مخرجًا من طرقه الصحاح في كتب الحديث الأمهات، ويتعلق
1 / 6
الأمر عند علماء المصطلح بإسناد معين أو رواية بذاتها، في كتاب منها أو في كتب غيرها من المصنفات الحديثية. وأشق ما تكون المعاناة حين لا يذكرون متن الحديث أو بابه، بل يكتفون بطرف منه أو كلمة، أو إشارة إلى إحدى طرقه، كأن يقولوا: الحديث الذي رواه فلان عن فلان وأنكر المروي عنه أنه روّاه إياه، أو الحديث الذي رواه فلان عن شيخ يشارك فيه عدد من الرواة، قل أو كثر، تشابهت أسماؤهم أو ألقابهم وكناهم وأنسابهم .. ونحو ذلك من الإِشارات التي بعُد العهد بمن كانوا يعرفونها بمجرد الإِشارة إليها، وأما نحن، في عصرنا البائس، فلا غنى لنا في تخريج الأحاديث بكتب المصطلح، عن كتب المستدرك والإِلزامات والمراسيل والعلل والأوهام، ومختلف الحديث وغريبه وناسخه ومنسوخه، والتدليس والوضع .. ومسائل الحفاظ لشيوخهم. وكتب التاريخ والرجال: الجرح والتعديل، والمؤتلف والمختلف، والمتفق والمفترق، والأسماء والكنى، والألقاب والأنساب، ومعاجم الشيوخ وبرامجهم، وكتب التقييد لرواة الكتب والمسانيد، وما تيسر من كتب الأطراف والمبهمات ..
وقد استغرق إعداد هذه الطبعة عشر سنين دأبًا، لئن شُغِلْتُ فيها، كذلك، بتكاليف الإِشراف على طلابي في الدراسات العليا، لقد كان لي من صحبتهم في رسائلهم ما زادني تحريرًا لمنهج التوثيق، وعلمًا بقوانين التحقيق، وزودني بمصادر ومراجع لم تكن مما وقفت عليه من قبل.
وكنت كلما عكفت على إنجاز هذه الطبعة ظهر مخطوط من حيث لا أحتسب، أو نُشر من كتب التراث ما أحتاج إليه. فعُدتُ على بدء أعيد النظر فيما سبق لي إنجازه .. وتكرر ذلك مرارًا حتى بدا لي كأنْ لا نهاية لما رجوت إكماله. وخشيت أن ينتهي الأجل المقدور لي، وأنا هامة اليوم أو غدٍ، قبل إخراج هذه الطبعة الجديدة، فاستخرت الله تعالى وقدمتها للطبع، ويظل المجال مفتوحًا لما بها من فوات يستدركه من ييسرهم الله تعالى لخدمة الحديث الشريف وعلومه.
1 / 7
أدين بالفضل فيما تزودت به لهذه الطبعة من مصورات لعشراتٍ من المخطوطات لم يكن لي غنى عنها، إلى السادة الزملاء الكرام القائمين على خزائن المخطوطات بمصر والمغرب.
وأسعفتني الأريحية الأصلية لصاحب السمو الملكي " الأمير سعود الفيصل " والسيد الجليل " حبيب محمود أحمد، من أعيان المدينة المنورة " بمصورات لمخطوطات نادرة من خزائن استانبول ونجد والمدينة والمنورة، عزَّ عليَّ الظفر بها.
وأذكر بصادق التقدير والعرفان، ما أفدتُ من صحبتي، عشرين عامًا لأبنائي طلاب الدراسات الإِسلامية العليا بجامعة القرويين العريقة، تعلمت معهم في كل درس لنا أو لقاء، ما يُثري وجودنا العلمي، ويرهف اعتزازنا بالانتماء إلى المدرسة الإِسلامية، بما نهلتُ وإياهم من ينابيع سخية نقية لسلفنا العلماء النبلاء الصفوة، ورثة الأنبياء.
للهِ تعالى الحمدُ والمِنَّة
" وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الّذِينَ اصْطَفَى "
صدق الله العظيم.
مصر الجديدة
صيف عام ١٤٠٩ هـ - ١٩٨٩ م.
1 / 8
مدخل
١ - أبو عمرو ابن الصلاح، وكتابه
٢ - السراج البلقيني وكتابه.
1 / 9
بياض بالأصل.
1 / 10
مدخل:
" يحمل هذا العلم من كل خلف عُدولُه، يَنفُون عنه تحريف الغالِين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين "
[حديث شريف]
أخرجه الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي من عدة طرق، في الباب التاسع من كتابه (شرف أصحاب الحديث).
قدمت في الطبعة الأولى عرضًا سريعًا لمن تتابعوا على خدمة الحديث الشريف وعلومه ورجاله، من القرن الثاني إلى أبي عمرو ابن الصلاح وطبقته، ناظرة فيهم إلى توالي الطبقات واختلاف الأمصار من مشرق ومغرب. ومن وقتئذ وأنا أستدرك عليهم بين يوم وآخر من فاتني ذكرهم. فما عُدت اليوم أتجاسر على هذه المحاولة، وإني لأعتبر بالحافظ أبي عبد الله الذهبي: ترجم في المجلد الأول وبعض الثاني من (تذكرة الحفاظ) لأكثر من خمسمائة من أعيان الحفاظ إلى منتصف القرن الثالث للهجرة، ثم قال: عقب الطبقة الأخيرة منهم: " فهؤلاء المُسَمَّون في هذه الطبقة هم ثقات الحفاظ. ولعل قد أهملنا طائفة من نظرائهم، فإن المجلس الواحد في هذا الوقت كان يجتمع فيه أزيد من عشرة آلاف محبرة، يكتبون الحديث ويعتنون بهذا الشأن وبينهم نحو من مائتي إمام - في هذه الطبقة - قد برزوا وتأهلوا للفتيا " التذكرة ٢/ ٥٢٩.
على مر المراحل، كانت قواعد المصطلح يتوارد عليها العلماء تأصيلًا وضبطًا وتحريرًا، فبلغت من الكثرة بحيث احتيج إلى مصنفات فيها جامعة، أجمل ذكرها الحافظُ ابن حجر (٧٧٣ - ٨٥٢ هـ) في خطبة كتابه (شرح نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر) قال بعد الحمد والصلاة على النبي: " أما بعد فإن التصانيف في اصطلاح أهل الحديث قد كثرت للأئمة في القديم والحديث. فمن أول من صنف في ذلك القاضي أبو محمد الرامهرمزي (- ٣٦٠ هـ) في كتابه المحدث الفاصل، لكنه لم يستوعب، والحاكم أبو عبد الله
1 / 11
النيسابوري (- ٤٠٥ هـ) لكنه لم يهذب ولم يرتب. وتلاه أبو نعيم الأصبهاني (- ٤٣٠ هـ) فعمل على كتابه مستخرجًا وأبقى أشياء للمتعقب. ثم جاء بعدهم الخطيب أبو بكر البغدادي (- ٤٦٣ هـ) فصنف في قوانين الرواية كتابًا سماه الكفاية، وفي آدابها كتابًا سماه الجامع لآداب الشيخ والسامع .. وقلَّ فنٌّ من فنون الحديث إلا وقد صنف فيه كتابًا مفردًا، فكان كما قال الحافظ أبو بكر ابن نقطة (١): " كل من أنصف عَلِمَ أن المحدثين بعد الخطيب عيال على كتبه " ثم جاء بعض من تأخر عن الخطيب فأخذ من هذا العلم بنصيب، فجمع القاضي عياض (- ٥٤٤ هـ) كتابًا لطيفًا سماه الإِلماع، وأبو حفص المَيَانجي (- ٥٨٠ هـ) جزءًا سماه ما لا يَسَعُ المحدث جهلُه. وأمثال ذلك من التصانيف التي اشتهرت وبُسِطت ليُتوفَّرَ عليها. واختُصِرت ليتيسر فهمُها. إلى أن جاء الحافظ الفقيه تقي الدين أبو عمرو عثمان بن الصلاح الشهرزوري نزيل دمشق، فجمع لَمَّا ولِيَ تدريس الحديث بالمدرسة الأشرفية كتابه المشهور، فهذب فنونه وأملاه شيئًا بعد شيء، فلهذا لم يحصل ترتيبه على الوضع المتناسب. واعتنى بتصانيف الخطيب المفرَّقة، فجمع شتات مقاصدها، وضم إليها من غيرها نُخَبَ فوائدها، فاجتمع في كتابه ما تفرق في غيره، فلهذا اجتمع الناس عليه وساروا بسَيْره فلا يُحصَى كم ناظم له ومختصر، ومستدرك عليه ومقتصر. ومعارض له ومنتصر .. " (٢).
من هذه الفقرة المجملة، يتبين مسار علوم المصطلح في مصنفاتها الجامعة، يتعاقب على خدمتها العلماء على توالي الأعصار، وتباعد الأمصار، من رامهرمز في خوزستان، ونيسابور وأصبهان وشهرزور وبغداد ودمشق، إلى مصر والمغرب. ومعهم في كل عصر عدول أئمة من الحفاظ والنظار، يحملون هذا العلم الشريف خلفًا عن سلف " ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين ".
_________
(١) أبو بكر ابن نقطة: (كتاب التقييد في معرفة رواة السنن والمسانيد) ترجمة الخطيب البغدادي أحمد بن علي بن ثابت: لـ٥٦ مصورة من ميكروفلم معهد المخطوطات بالقاهرة ١٨٦/ ١ تاريخ، لمخطوط المتحف البريطاني ٨٣٦.
(٢) خطبة شرح النخبة، وتواريخ الوفيات لمن ذكرهم الحافظ في هذه الفقرة، إضافة منا لضبط السياق الزمني.
1 / 12
المبحث الأول:
١ - ابن الصلاح
تقي الدين أبو عمرو الشهرزوري (٥٧٧ هـ - ٦٤٣ هـ)
عثمان بن الصلاح عبد الرحمن بن موسى بن أبي النصر الشافعي
موجز سيرته، رحلاته وشيوخه *
من القرن السابع، وفي نصفه الأول عاش التقي ابن الصلاح أخصب مراحل عمره، بدأت كتبُ التراجم والتاريخ تترجم له وتنوه به، لا نعلم خلافًا بين مترجميه في علمه وإمامته وورعه ومهابته، ولا فيما دونوه من سيرته.
_________
* مستخلص من:
- وفيات الأعيان لابن خلكان: ٣/ ٢٤٣ ط بيروت ١٩٧٠.
- وفيات الشريف عز الدين: ل ٢٩ مصورة الخزانة العامة بالرباط، من مصورة بغداد لمخطوط كوبريلي رقم ١١٠١.
- ذيل الروضتين لأبي شامة المقدسي. ١٧٥ ط القاهرة ١٣٦٦ هـ.
- تاريخ الإِسلام للذهبي، مخطوط دار الكتب القاهرة.
- تذكرة الحفاظ للذهبي ٤/ ١٤٣٠ ط حيدراباد الدكن ١٣٧٤ هـ والعبر ودول الإِسلام له: وفيات سنة ٦٤٣ هـ. وسير أعلام النبلاء، له:
- طبقات الشافعية الكبرى للتاج السبكي: ٥/ ١٣٧ ط أولى الحسينية بالقاهرة ١٣٤٨.
ذيل التقييد للتقي الفاسي: ٢١٦ مخطوط دار الكتب ١٩٨ مصطلح.
وتراجم شيوخه، أكثرهم، من:
- التقييد لأبي بكر ابن نقطة، مصورة لميكروفلم معهد المخطوطات بالقاهرة.
- التكملة لوفيات النقلة، للزكي المنذري ط ٢ بيروت ١٤٠١ هـ - ١٩٨١ م.
- تاريخ الإِسلام، وتذكرة الحفاظ والعبر، ودول الإِسلام وسير أعلام النبلاء للذهبي.
- طبقات الشافعية الكبرى للتاج السبكي.
1 / 13
ولد سنة سبع وسبعين وخمسمائة في بلدة شَرَخان قرب شهرزور من أعمال إربل. وغلب عليه لقب أبيه الصلاح عبد الرحمن. وينسب إلى جده الثالث أبي النصر فيقال: النصري، وإلى بلده: الشهرزوري الشرخاني.
حفظ القرآن في بلدته وجوَّده. وتفقه على والده الصلاح عبد الرحمن " وكان من مشايخ بلده المشار إليهم في الفقه والصلاح " ومن أكابر الشيوخ الشافعية الذين يتصل بهم سند شيخ الإِسلام أبي زكريا النووي، في فقه الشافعية " قراءة وتصحيحًا وسماعًا وشرحًا وتعليقًا. على طريقة العراقيين عن شيوخه الثلاثة: أبي إبراهيم المقدسي وأبي محمد ابن نوح وأبي حفص الربعي الإِربلي - يأتون في تلاميذ ابن الصلاح - عن تقي الدين أبي عمرو بن الصلاح. وتفقه هو على والده، وتفقه والده على أبي سعد بن أبي عصرون الموصلي، وتفقه أبو سعد على القاضي أبي علي الفارقي، وتفقه الفارقي على الشيخ أبي إسحاق الرازي، بسنده الفقهي المعروف عن الإمام الشافعي، تفقه على الإِمام مالك وتفقه مالك على ربيعة الرأي عن أنس، وعلى نافع عن ابن عمر: كلاهما عن النبي ﷺ " (١).
وكذلك تفقه ابن الصلاح على والده في فقه الشافعية على طريقة الخراسانيين. وتفقه والده على أبي القاسم ابن البزري الجزري، عن أبي الحسن الكيا الهراسي، عن أبي المعالي الجويني إمام الحرمين، عن أبي بكر المروزي الصغير، إمام طريقة خراسان بسنده (٢).
في الموصل:
ظهرت نجابة تقي الدين عثمان. فنقله والده إلى الموصل، فسمع الحديث من:
" ابن السمين " أبي جعفر عبيد الله بن أحمد الوراق، نزيل الموصل (٥٢٣ - ٥٨٨ هـ)
_________
(١ - ٢) النووي: تهذيب الأسماء واللغات ١/ ١٨، ١٩ ط بيروت. وتصحفت فيها كنية أبي سعد ابن أبي عصرون، بأبي سعيد. وانظر تراجم الشيوخ المذكورين في سند النووي الفقهي، في كتابه تهذيب الأسماء. وترجمة الصلاح عبد الرحمن في وفيات ابن خلكان ٣/ ٢٤٣، وطبقات الشافعية للتاج السبكي ٥/ ٦٥ ونبلاء الذهبي: ج ٢٢ ويأتي فيما يلي من العرض، نزوحه مع ولده إلى الشام ووفاته بحلب في المدرسة الأسدية، سنة ٨١٦ هـ.
1 / 14
وقرأ عليه كتاب (المهذب لأبي إسحاق الشيرازي) في فقه الشافعية " وكرره وهو غض الصبا لم يطر شاربه ".
ومن شيوخ ابن الصلاح بالموصل:
" نصر الله بن سلامة " بن سالم، أبو المعالي الهيتي المقرئ المحدث (- ٥٩٨ هـ) سمع ببغداد من أبي الفضل محمد بن ناصر المقدسي، وأبي الكرم الشهرزوري، وأبي الفتح الكروخي، وحدث ببغداد والموصل.
" عبد المحسن الطوسي، أبو القاسم " بن عبد الله بن أحمد بن عبد القاهر خطيب الموصل (٦٢٣ هـ) من بيت العدالة والخطابة والرواية. سمع بالموصل من أبيه أبي نصر عبد الله، ومن عمه أبي محمد عبد الرحمن، وببغداد من أبي الكرم الشهرزوري. وحدث ببغداد والموصل (١).
ثم لزم ابن الصلاح شيخه العلامة:
" العماد بن يونس " أبا حامد محمد بن يونس بن محمد بن منعة الإِربلي الموصلي الشافعي، إمام وقته في المذهب والأصول والخلاف، ومدرس النظامية، ومصنف (المحيط) في فروع الشافعية، جمع فيه بين (المهذب لأبي إِسحاق الشيرازي، والوسيط لأبي حامد الغزالي) ونجب عليه أئمة (٥٣٥ - ٦٠٨ هـ).
أقام ابن الصلاح بالموصل زمنًا يشتغل معيدًا لشيخه العماد أبي حامد، بالمدرسة النظامية (٢). واتصل وقتئذ بأخي شيخه:
" الكمال بن يونس " موسى بن محمد بن يونس بن محمد بن منعة، أبي الفتح الموصلي الشافعي، الفقيه العلامة في العقليات والإِلهيات (٥١١ - ٦٣٩ هـ) بالغ ابن الصلاح في الثناء على فضائله وتعظيم شأنه. وفي ترجمته أن ابن الصلاح " سأله أن يقرأ عليه شيئًا من المنطق سِرًّا فأجابه إلى ذلك، وتردد إليه مدة يقرأ عليه فلم يُفتَح عليه بشيء. فقال له
_________
(١) ابن خلكان والذهبي والسبكي، في ترجمة ابن الصلاح، وترجمة شيخه عبد المحسن ابن الطوسي من (تكملة المنذري: ٣/ ٢٠٢٣) كتب له بالإِجازة من الموصل غير مرة إحداها في سنة ٦١٠.
(٢) ابن خلكان والذهبي والسبكي، في شيوخ ابن الصلاح. وترجمة العماد أبي حامد ابن يونس من تكملة المنذري ٢/ ١١٩٨، وتاريخ الإِسلام والعبر للذهبي: وفيات سنة ٦٠٨، وطبقات التاج السبكي ٥/ ٤٥.
1 / 15
الكمال: يا فقيه، المصلحة عندي أن تترك الاشتغال بهذا الفن. فسأله: ولم يا مولاي؟ فقال: لأن الناس يعتقدون فيك الخير، وهم ينسبون كل من يشتغل بهذا الفن إلى فساد الاعتقاد، فكأنك تفسد عقيدتهم فيك ولا يحصل لك من هذا الفن شيء .. فقبل إشارته وترك قراءته " (١).
ثم آثر ابن الصلاح الرحلة في طلب العلم والسماع. فاتجه شرقًا وطوف بالحواضر العلمية في خراسان ونيسابور ومرو وقزوين .. وأدرك جلة من علمائها ومسنديها الكبار، قبل أن يجتاحها التتار من سنة ٦١٦ هـ.
رحلته كانت قبل وفاة شيخه (العماد أبي حامد ابن يونس، سنة ٦٠٨ هـ، وفيها توفي بنيسابور منصور بن عبد المنعم الفراوي وهو من شيوخ ابن الصلاح. لقيه بنيسابور وسمع منه وحدث عنه.
والراجح أنه لقي بإربل، أو بنيسابور:
" أبا الخطاب ابن دحية الكلبي، عمر بن حسن بن علي البستي، نزيل القاهرة ".
وسمع منه (الموطأ) رواية يحيى بن يحيى الأندلسي. ففي ترجمة الحافظ ابن دحية، بتذكرة الحفاظ وذيل التقييد: " أنه حدث بالموطأ، رواية يحيى بن يحيى سنة ستمائة، سمعه منه تقي الدين ابن الصلاح ". وفي ترجمة ابن دحية بنفح الطيب: سنة نيف وستمائة. وذكر أنه في رحلته الواسعو إلى العراق وأصبهان وخراسان: " صنف التنوير في مولد السراج المنير، عند قدومه إلى إربل في سنة ٦٠٤ هـ، وهو متوجه إلى خراسان، وبعدها سمع نيسابور من منصور بن عبد المنعم الفراوي والمؤيد الطوسي - وهما من كبار شيوخ ابن الصلاح النيسابوريين - .. وعاد أبو الخطاب ابن دحية إلى مصر، وولي مشيخة المدرسة الكاملية بالقاهرة، وفيها وفاته سنة (٦٣٣ هـ) (٢).
_________
(١) ترجمة الكمال بن يونس في: وفيات ابن خلكان ٤/ ٢٥٣، والمختصر لأبي الفداء المؤيد إسماعيل (٣/ ١٧٠ ط الحسينية بالقاهرة ١٣٢٥ هـ) والطبقات للتاج السبكي ٥/ ١٦٠ ومعها ترجمته في تكملة المنذري ٣/ ١١٩٨، وتاريح الإِسلام ودول الإِسلام والعبر للذهبي: وفيات سنة ٦٣٩ هـ.
(٢) تذكرة الحفاظ: ٤/ ١٤٢١، وذيل التقييد للفاسي (٢٣٩ / أ) ونفح الطيب للمقري: ١/ ٣٧١ ط أولى، الأزهرية بالقاهرة ١٣٠٢ هـ.
1 / 16
في نيسابور:
سمع ابن الصلاح من
" المؤيد الطوسي " أبي الحسن محمد بن علي النيسابوري الشافعي ". الحافظ المسند الرحلة (٥٢٤ - ظنا - ٦١٧ هـ) سمع منه ابن الصلاح صحيح البخاري بسماعه من أبي عبد الله الفراوي (٤٤٠ - ٥٣٠ هـ) وهو آخر من حدث عنه، بسماع الفراوي من سعيد بن أبي سعيد العيار النيسابوري (٤٥٧ هـ) بسماعه من أبي عبد الله الشبوي المروزي، بسماعه في سنة ٣١٦ هـ من الفربري (٢٣١ - ٣٢٠ هـ) بسماعه من الإِمام البخاري.
وحدث به المؤيد الطوسي أيضًا، عن وجيه بن طاهر الشجامي (٤٥٥ - ٥٤١ هـ) وأبي الفتوح الشاذياخي (٥٣٥ هـ) بسماعهما من أبي سهل الحفصي (٤٦٦ هـ) عن أبي الهيثم الكشمهيني (٣٨٩ هـ) عن الفربري.
وبصحيح مسلم عن أبي الحسين عبد الغافر الفارسي (٣٥٣ - ٤٦٦ هـ) عن أبي أحمد الجلودي النيسابوري (٣٨٩ هـ) عن إبراهيم بن محمد بن سفيان النيسابوري (٣٠٠ هـ) عن الإِمام مسلم (١). وهو سند الحافظ ابن حجر لرواية ابن شبويه عن البخاري من طريق أبي عمرو ابن الصلاح (أسانيد ابن حجر لروايات البخاري، في مقدمة فتح الباري).
" منصور بن عبد المنعم بن عبد الله بن محمد بن الفضل الفَراوي، ذو الكُنى الثلاث: أبو الفتح وأبو بكر وأبو القاسم، بن أبي المعالي بن أبي البركات بن أبي عبد الله الفراوي ". الفقيه المفتي الحافظ المسند (٥٢٢ - ٦٠٨ هـ).
سمع منه أبو عمرو ابن الصلاح صحيح البخاري، عن جد أبيه " أبي عبد الله الفراوي، بسنده. وصحيح مسلم، عن جد أبيه عن عبد الغافر الفارسي، أبي الحسين. والأربعين لأبي البركات عبد الله الفراوي (٥٤٧ هـ) بسماعه منه. والسنن الكبرى لأبي بكر البيهقي قراءة عليه، بسماع منصور الفراوي من أبي المعالي الفارسي
_________
(١) تقييد ابن نقطة: ل ١٥٥، وتكملة المنذري وقال: " ولنا منه إجازة كتب بها إلينا من خراسان غير مرة إحداهن في جمادى الآخرة سنة ٦٠٧ هـ " (٣/ ١١٩٨) وتذكرة الحفاظ ٤/ ١٤٢١.
1 / 17
(٤٤٨ - ٥٣٩ هـ) قراءة عليه. عن أبي بكر البيهقي (٣٨٤ - ٤٥٨ هـ) - وهو السند في مطبوعة السنن الكبرى المقروءة على ابن الصلاح - وبه حدث أبو عمرو ابن الصلاح بكتاب المدخل إلى السنن الكبرى للبيهقي، والأربعين حديثًا المخرجة من المجلد الأول منها، انتقاء أبي المعالي الفارسي.
وشيخه منصور من بيت العلم والرواية، عدَّ الزكي المنذري سبعة محدثين منهم نسقًا (١).
" زينب الشعرية النيسابورية، أم المؤيد بنت أبي القاسم عبد الرحمن بن الحسين الشعري (٢) المسندة المعمرة. تفردت بكثير من مسموعاتها، وانقطع بموتها إسناد عال (٥٢٤ - ٦١٥ هـ).
حدثت بصحيح البخاري، عن وجيه الشحامي وأبي الفتوح الشاذياخي، عن أبي سهل الحفصي، عن الكشمهيني. وسمعته كذلك عن أبي المعالي الفارسي، عن سعيد العيار، عن ابن شبويه، عن الفربري. وممن أجاز لها أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل بن عبد الغافر الفارسي، وأبو القاسم الزمخشري (٢).
" ابن الصفار: الشهاب أبي بكر النيسابوري، القاسم بن أبي سعد عبد الله بن أبي حفص عمر بن أحمد بن منصور الشافعي " الفقيه النبيل الحافظ المسند، شيخ خراسان،
_________
(١) التقييد في معرفة رواة السنن والمسانيد، لأبي بكر ابن نقطة: ل ١٥٥ مصورة معهد المخطوطات ١٨٦/ ١ تاريخ، لمخطوط المتحف البريطاني ٨٣٦. ومنصور من شيوخ ابن نقطة. وتكملة المنذري جـ ٢ ت ١٢٠٢، وكتب له بالإِجازة. والفراوي، ضبطه السمعاني في الأنساب، وابن الأثير في اللباب، عنه، بضم الفاء، نسبة إلى فُراو، بليدة مما يلي خوارزم.
وفي مستفاد الرحلة للتجيبي، عن شيخه أبي الفتح الشيباني الدمشقي، قال: " أخبرنا الإِمام تقي الدين أبو عمرو ابن الصلاح قراءة علية ونحن نسمع في جمادى الأولى سنة ٦٣٨ هـ، قال: الفرواي نسبة إلى بليدة من ثغر خراسان مما يلي خوارزم، تسمى بالعجمية فُراووه. وذكر أبو سعد السمعاني فيما قرأته بخطه من كتاب الأنساب، الفُراوي، يضبطه بخطه مولعًا بذلك. وسألت حفيد الفراوي الشيخ أبا القاسم عن ذلك فقال: هو الفَراوي، بالفتح. قلت: ولا معدل عن هذا فإنه المعروف المتعالم، والسمعاني لم يذكر مستند الخلاف. انتهى كلام أبي عمرو ﵀ " المستفاد ٩٢.
(٢) تقييد ابن نقطة (ل ١٦٩) وفيه أنها كتبت له بالإِجازة من نيسابور غير مرة إحداهن في شهر رجب سنة ٦٠٨ هـ. والتكملة للمنذري (٢/ ١٦٤٨) وفيها أنها تدعى أيضًا " حرة " وله إجازة كتبت عنها من نيسابور سنة ٦٠٨ هـ. وابن خلكان (ت ٢٣٧) وله إجازة منها كتبت في بعض شهور سنة ٦١٠ هـ، وذيل التقييد للفاسي وأرخ مولدها سنة ٥٢٥ هـ.
1 / 18
الإِمام ابن الإِمام ابن الإِمام، روى عن جده أبي حفص، وأبي البركات عبد الله الفرواي ووجيه الشحامي، وأبي الأسعد القشيري. وروى عنه الأئمة: ابن الصلاح وأبو بكر ابن نقطة والزكي البرزالي والضياء المقدسي وأبو إسحاق الصريفيني. مولده سنة ٥٣٣ هـ، واستشهد عندما دخل التتار نيسابور سنة (٦١٨ هـ).
وسمع ابن الصلاح بمرو، من:
" أبي المظفر السمعاني " الفخر عبد الكريم بن أبي سعد عبد الكريم بن محمد ابن أبي المظفر منصور بن محمد السمعاني. مسند خراسان (٥٣٧ - ٦١٧ هـ) أسمعه أبوه مبكرًا من شيوخ خراسان، منهم أبو الوقت السجزي، سمع منه صحيح البخاري، ومسندي الهيثم بن كليب وأبي محمد الدارمي. وأبو البركات الفراوي: سمع منه صحيح أبي عوانة الإِسفرائيني. وأبو طاهر السنجي: سمع منه مسندي الشافعي وابن وهب (٢).
ومن شيوخ العراقيين ابن الصلاح بقزوين:
الإِمام الرافعي " أبو القاسم عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم القزويني (- ٦٢٣ هـ) شيخ الشافعية الصدر الرئيس، صاحب (الشرح الكبير) إليه انتهت معرفة المذهب ودقائقه. نقل النووي والذهبي والتاج السبكي في ترجمته قول ابن الصلاح: " أظن أنني لم أر في بلاد العجم مثله. " (٣) وعقب السبكي: " قلت: لا شك في ذلك ".
_________
(١) طبقات التاج السبكي ٥/ ٣ وشيوخه ومسموعاته في تقييد ابن نقطة (ل ١٤٨) وهو من أصحابه.
وترجم له المنذري في (التكملة ٣/ ١٨٦٠) وله منه إجازة كتب بها إليه من نيسابور غير مرة إحداها في سنة ٦٠٨، وتاريخ الإسلام والعبر للذهبي، وفيات سنة ٦١٨.
(٢) تقييد ابن نقطة (ل ١٢٣٠) وفيه: " انقطعت عنا أخباره من سنة ٦١٧ هـ " وأرخه الذهبي في وفياتها وقال: عُدم في دخول التتار بمرو في آخر العام (العبر، وتاريخ الإِسلام).
(٣) تهذيب الأسماء واللغات للنووي (الكنى ت ٤٠٥) وطبقات الشافعية الكبرى ٥/ ١١٩، وتاريخ الإِسلام، ودول الإِسلام، والعبر للذهبي: وفيات ٦٢٣ هـ، وأعلام النبلاء، له (ج ٢٢).
1 / 19
وسمع بهمدان من:
" أبي الفضل ابن المعزم، عبد الرحمن بن عبد الوهاب بن صالح الهمداني إمام جامعها. وكان فيها قال ابن نقطة: " محدثًا مكثرا صحيح السماع، سمعت منه ثلاثيات البخاري " ولم يؤرخ وفاته، وأرخه الزكي المنذري والذهبي في وفيات سنة (٦٠٩ هـ) (١).
ثم رحل أبو عمرو ابن الصلاح إلى بغداد، حاضرة الخلافة قبل أن يجتاحها التتار. فسمع من شيوخها الحفاظ ومسنديها المعمرين. وممن رى عنهم في كتابه علوم الحديث:
" الضياء ابن سكينة، أبو أحمد عبد الوهاب بن أبي منصور علي بن عبد الله البغدادي " شيخها الحافظ (٥١٩ - ٦٠٧ هـ) سمع من أبيه وطبقته من أعلام المسندين. ورافق الإِمام أبا سعد السمعاني أكثر من أربعين سنة. وحدث بمكة وبغداد والشام ومصر بمسموعاته، ومنها: الغيلانيات وأحاديث المزني، من أبي القاسم هبة الله ابن الحصين. وجامع الترمذي، من أبي الفتح الكروخي، وصحيح مسلم بإجازته من أبي عبد الله الفراوي (٢).
" ابن طبرزد، أبو حفص عمر بن محمد بن معمر الدارقزي البغدادي " المعمر المسند المؤدِّب (٥١٦ - ٦٠٧ هـ) أسمعه أخوه البقاء محمد وسمع بنفسه من أكابر الشيوخ. وتفرد بالرواية عن عدد منهم. وحدث ببغداد وإربل والموصل وحلب ودمشق. قرأ عليه ابن الصلاح ببغداد (جزء الأنصاري) روايته عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري البغدادي (٥٣٥ هـ) بسنده إلى محمد بن عبد الله بن المثنى الأنصاري البصري صاحب الجزء (٢١٥ هـ) وحدث بسنن أبي داود، سماعه لبعضها من أبي البدر الكرخي ولبعضها من مفلح الدومي، بروايتهما عن أبي بكر الخطيب. وبجامع الترمذي، من أبي الفتح الكروخي (تقييد ابن نقطة) وبالغيلانيات. قرأها عليه الزكي المنذري بدمشق في ذي
_________
(١) تقييد ابن نقطة (ل ١١٨) وتكملة المنذري (٢/ ١٢٣٦) وله منه إجازة، كتب بها إليه من همدان في سنة ٦٠٨ هـ، وتذكرة الحفاظ والعبر، وتاريخ الإِسلام: وفيات سنة ٦٠٩ هـ، وخرج له أبو عبد الله ابن الدبيثي مشيخته في جزءين وبعض ثالث، شيوخه فيها ثلاثة وثمانون. واستُدرِك عليه. قاله المنذري.
(٢) تقييد ابن نقطة (ل ١٢٩) وتكملة المنذري (٢/ ١١٤٦) - وفيها: ولنا منه إجازة كتب بها إلينا من بغداد غير مرة. وخرج له صاحبنا أبو عبد الله النجار مشيخة في جزأين. وتاريخ الإِسلام والعبر ودول الإِسلام للذهبي، وفيات سنة ٦٠٧ هـ والنبلاء: ج ٢٢.
1 / 20