أما ابن خلكان، فينقل عن ابن قتيبة، أنّ الواقدي توفى وهو قاض بالجانب الغربي من بغداد [(١)] . وقد ناقش هوروفتس هذا الرأى، مخطئا ابن خلكان، فيقول: إنه- أى ابن خلكان- قد أخطأ في فهم قول ابن قتيبة. ونصّه:
وتوفى الواقدي سنة سبع ومائتين، وصلى عليه محمد بن سماعة التميمي، وهو يومئذ قاض على الجانب الغربي. وواضح من هذا النصّ أن الذي كان قاضيا على الجانب الغربي من بغداد هو محمد بن سماعة، وليس الواقدي [(٢)] .
وليس ثمة شك في أن الواقدي توفى وهو قاض على الجانب الشرقىّ ببغداد، على أنه كان قد أقام مدة في الجانب الغربي قبل أن يوليه المأمون قاضيا على عسكر المهدى، كما أجمعت مصادر عدة على ذلك. ولما انتقل الواقدي من الجانب الغربي يقال إنه حمل كتبه على عشرين ومائة وقر [(٣)] .
أما ياقوت [(٤)] فيذكر أن هارون الرشيد قد ولى الواقدي القضاء بشرقىّ بغداد قبل أن يوليه المأمون قضاء عسكر المهدى. وهذا أقرب إلى الصواب، فليس من المعقول أن تتأخر تولية الواقدي القضاء حتى يرجع المأمون من خراسان ويوليه، فقد كان الواقدي على صلة طيبة بهارون الرشيد.
وعلى الرغم من صلة الصداقة المعقودة بين الواقدي ويحيى بن خالد والبرامكة، فإن ذلك لم يمنع المأمون من توليته القضاء، بل كرمه ورعاه بعد نكبة البرامكة [(٥)] . وقد ذهب المأمون في تكريم الواقدي إلى أبعد من هذا، إذ ولّاه منصبا يتمتع فيه بقوّة السلطان والنفوذ. فيصف ابن حجر العسقلاني الواقدي بأنه أحد الأعلام، وقاضى العراق وبغداد [(٦)] . ويورد السهمي في أثناء ترجمة الأشعث بن هلال قاضى جرجان، أن
_________
[(١)] وفيات الأعيان، ج ١، ص ٦٤١.
[(٢)] . ٥١٣، ١٩٢٨ IslamicCulture، The earliest biograophet and their auth، J. Horoviz ٠٩٣٧٩٤٢٤١، ١٩٣٧٩٤٢٤١
[(٣)] الوافي بالوفيات، ج ٤، ص ٢٣٨، تاريخ بغداد، ج ٣، ص ٥، عيون الأثر، ج ١، ص ١٨، سير أعلام النبلاء، ج ٧، ورقة ١١٨.
[(٤)] معجم الأدباء، ج ١٨، ص ٢٧٩.
[(٥)] شذرات الذهب، ج ٢، ص ١٨.
[(٦)] لسان الميزان، ج ٦، ص ٨٥٢.
المقدمة / 8