مغانم
المغانم المطابة في معالم طابة
ناشر
مركز بحوث ودراسات المدينة المنورة
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ م
ژانرها
الإفْراطِ والتَّفْرِيط على أَحْسَنِ لُقَم (^١)، وعلى قاعدِة الاعْتِدالِ بَيْنَ السَّعَةِ والضِّيق، والوجدان والعُدْم. يُوجَدُ بِها غلاءٌ مُعْتَدِلٌ في غالِبِ الأزْمانِ، وهي من القَحْطِ المَحْكِيِّ عنه في سائِر البُلْدانِ في أمان، لم يُسْمَع قَطُّ فيما حكاه أرباب التَّوَاريخ [أنَّهم] أسْنَتُوا (^٢) حَتَّى أكلوا سَنَانِيرهم وكلابَهُم، أو أكَلُوا أولادَهُم وَأَحْبَابَهُم وأَصْحَابَهُم، فأفضْىَ أكل بَعْضِهِم بَعْضًا إلى أن خَلَتْ من السُّكانِ، وَعَرِيَ عَنِ الإنْسانِ كُلُّ دارٍ وكُلُّ دكَّان، كما اتَّفقَ لِمِصْرَ والشَّام والعِرَاقِ وغيْرِها من سائرِ الأقْطارِ والآفاقِ.
هذه مِصرُ أرْخى بلادِ الدُّنيا على الإطلاقِ، وأكثر مُدُنِ العالم ضَرْعًا وزَرْعًا بالاتِّفاق، كم مَرَّةٍ أَصَابَتْها مَرَارَةُ الغلاء، فَنَزل على أَهْلِها أَعْظَمُ أنْوَاعِ البلاء، كم أمٍّ بَرَّةٍ شوَتْ واحِدَها وَأَكَلَتْ، وكم بنْتٍ حُرَّةٍ ذبَحَتْ والِدَها وعن أَكْلِهِ ما نكَلَتْ.
كان الرِّجَالُ على المناظِرِ (^٣) بأَيْدِيهم خَطاطيفُ يَنْتَظِرُونَ المارَّةَ، وأرْزَاقُهم مِنْ لُحُومِ عابِرِي الطَّرِيقِ عليهمَ دارَّة. ذَهَبَ عَنِ المَلِكِ والمُلْكِ الاتِّساقُ والانْتِظام، حتَّى إذا نَزَلَ المَلِكُ عَنْ فَرَسِهِ لم يَخْرُجْ إلَّا إلى كَومِ عظام. ومَدِينَةُ رَسُولِ اللّه ﷺ مع شُسُوعها (^٤) عن البُلْدَانِ، عن أمثالِ ذلك مَحْفُوظَةٌ، وعظائم المصائب المجنحة عن شريف جنابها مَرْفوضة (^٥)، وبِعَيْنِ العناية الربَّانيةِ في كُلِّ الأوْقاتِ الزمانِيَّةِ مَنْظُورَةٌ مَلْحُوظَة.
الخَيْرَةُ والخيِّرة: بِفَتْحِ الخاءِ وكَسْر المُثنَّاةِ التَّحْتِيَّة المُشَدَّدة وراءٍ وهاءٍ،
(^١) اللقم: الوسط. القاموس (لقم) ص ١٤٩٥.
(^٢) أسنتوا: أصابتهم الجدوبة. القاموس (سنى) ص ١٢٩٧.
(^٣) المناظر: أشراف الأرض، أي: ما ارتفع منها. القاموس (نظر) ص ٤٨٤.
(^٤) شسوعها: بعدها القاموس (شسع) ص ٧٣٢.
(^٥) في الأصل: (مرفوظة)، ولعله خطأ من الناسخ.
1 / 294