في خطاب اللَّه تعالى لرسوله ﷺ دخول أمته فيه إلا ما استُثْني، وليس من هذا المستثنى أمر اللَّه تعالى بالدعوة إليه. قال تعالى: ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ (١).وقد جعل اللَّه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أخص أوصاف المؤمنين، كما قال سبحانه: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ﴾ (٢). وبهذا يتضح أن المكلف بالدعوة إلى اللَّه هو كل مسلم ومسلمة على قدر الطاقة، وعلى قدر العلم، ولا يختص العلماء بأصل هذا الواجب؛ لأنه واجب على الجميع كل بحسبه، وإنما يختص أهل العلم بتبليغ تفاصيل الإسلام، وأحكامه، ومعانيه الدقيقة، ومسائل الاجتهاد، نظرًا لسعة علمهم، ومعرفتهم بالمسائل، والجزئيات، والأصول، والفروع.
ومما يزيد الأمر وضوحًا قوله تعالى: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ (٣). فبين سبحانه أن أتباع الرسول ﷺ هم الدعاة إلى اللَّه، وهم أهل البصائر، كما كان الرسول ﷺ يدعو إلى اللَّه على