Mafātīḥ al-Ghayb
مفاتيح الغيب
ناشر
دار إحياء التراث العربي
شماره نسخه
الثالثة
سال انتشار
١٤٢٠ هـ
محل انتشار
بيروت
ژانرها
تفسیر
الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ وَالْعِشْرُونَ: قَالَ سِيبَوَيْهِ: مَا لَا يَنْصَرِفُ يَكُونُ فِي مَوْضِعِ الْجَرِّ مَفْتُوحًا/ وَاعْتَرَضُوا عَلَيْهِ بِأَنَّ الْفَتْحَ مِنْ بَابِ الْبِنَاءِ، وَمَا لَا يَنْصَرِفُ غَيْرُ مَبْنِيٍّ، وَجَوَابُهُ أَنَّ الْفَتْحَ اسْمٌ لِذَاتِ الْحَرَكَةِ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ أَنَّهَا إِعْرَابِيَّةٌ أَوْ بِنَائِيَةٌ.
الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ وَالْعِشْرُونَ: إِعْرَابُ الْأَسْمَاءِ ثَلَاثَةٌ: الرَّفْعُ، وَالنَّصْبُ، وَالْجَرُّ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا عَلَامَةٌ عَلَى مَعْنًى، فَالرَّفْعُ عَلَمُ الْفَاعِلِيَّةِ، وَالنَّصْبُ عَلَمُ الْمَفْعُولِيَّةِ، وَالْجَرُّ عَلَمُ الْإِضَافَةِ وَأَمَّا التوابع فإنها في حركاتها مساوية للمتبوعات.
سر ارتفاع الفاعل وانتصاب المفعول:
المسألة الثلاثون [سر ارتفاع الفاعل وانتصاب المفعول]: السَّبَبُ فِي كَوْنِ الْفَاعِلِ مَرْفُوعًا وَالْمَفْعُولِ مَنْصُوبًا وَالْمُضَافِ إِلَيْهِ مَجْرُورًا وُجُوهٌ:
الْأَوَّلُ: أَنَّ الْفَاعِلَ وَاحِدٌ، وَالْمَفْعُولَ أَشْيَاءُ كَثِيرَةٌ، لِأَنَّ الْفِعْلَ قَدْ يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ، وَإِلَى مَفْعُولَيْنِ، وَإِلَى ثَلَاثَةٍ، ثُمَّ يَتَعَدَّى أَيْضًا إِلَى الْمَفْعُولِ لَهُ، وَإِلَى الظَّرْفَيْنِ، وَإِلَى الْمَصْدَرِ وَالْحَالِ، فَلَمَّا كَثُرَتِ الْمَفَاعِيلُ اخْتِيرَ لَهَا أَخَفُّ الْحَرَكَاتِ وَهُوَ النَّصْبُ، وَلَمَّا قَلَّ الْفَاعِلُ اخْتِيرَ لَهُ أَثْقَلُ الْحَرَكَاتِ وَهُوَ الرَّفْعُ، حَتَّى تَقَعَ الزِّيَادَةُ فِي الْعَدَدِ مُقَابِلَةً لِلزِّيَادَةِ فِي الْمِقْدَارِ فَيَحْصُلُ الِاعْتِدَالُ.
الثَّانِي: أَنَّ مَرَاتِبَ الْمَوْجُودَاتِ ثَلَاثَةٌ: مُؤَثِّرٌ لَا يَتَأَثَّرُ وَهُوَ الْأَقْوَى، وَهُوَ دَرَجَةُ الْفَاعِلِ وَمُتَأَثِّرٌ لَا يُؤَثِّرُ وَهُوَ الْأَضْعَفُ، وَهُوَ دَرَجَةُ الْمَفْعُولِ، وَثَالِثٌ يُؤَثِّرُ بِاعْتِبَارٍ وَيَتَأَثَّرُ بِاعْتِبَارٍ وَهُوَ الْمُتَوَسِّطُ، وَهُوَ دَرَجَةُ الْمُضَافِ إِلَيْهِ، وَالْحَرَكَاتُ أَيْضًا ثَلَاثَةٌ: أَقْوَاهَا الضَّمَّةُ وَأَضْعَفُهَا الْفَتْحَةُ وَأَوْسَطُهَا الْكَسْرَةُ، فَأَلْحَقُوا كُلَّ نَوْعٍ بِشَبِيهِهِ، فَجَعَلُوا الرَّفْعَ الَّذِي هُوَ أَقْوَى الْحَرَكَاتِ لِلْفَاعِلِ الَّذِي هُوَ أَقْوَى الْأَقْسَامِ، وَالْفَتْحَ الَّذِي هُوَ أَضْعَفُ الْحَرَكَاتِ لِلْمَفْعُولِ الَّذِي هُوَ أَضْعَفُ الْأَقْسَامِ وَالْجَرَّ الَّذِي هُوَ الْمُتَوَسِّطُ لِلْمُضَافِ إِلَيْهِ الَّذِي هُوَ الْمُتَوَسِّطُ مِنَ الْأَقْسَامِ.
الثَّالِثُ: الْفَاعِلُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَفْعُولِ: لِأَنَّ الْفِعْلَ لَا يَسْتَغْنِي عَنِ الْفَاعِلِ، وَقَدْ يَسْتَغْنِي عَنِ الْمَفْعُولِ، فَالتَّلَفُّظُ بِالْفَاعِلِ يُوجَدُ وَالنَّفَسُ قَوِيَّةٌ، فَلَا جَرَمَ أَعْطَوْهُ أَثْقَلَ الْحَرَكَاتِ عِنْدَ قُوَّةِ النَّفَسِ، وَجَعَلُوا أَخَفَّ الْحَرَكَاتِ لِمَا يُتَلَفَّظُ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ.
أنواع المرفوعات وأصلها:
المسألة الحادية والثلاثون [أنواع المرفوعات وأصلها]: الْمَرْفُوعَاتُ سَبْعَةٌ: الْفَاعِلُ، وَالْمُبْتَدَأُ، وَخَبَرُهُ، وَاسْمُ كَانَ، وَاسْمُ مَا وَلَا الْمُشَبَّهَتَيْنِ بِلَيْسَ، وَخَبَرُ إِنَّ، وَخَبَرُ لَا النَّافِيَةِ لِلْجِنْسِ، ثُمَّ قَالَ الْخَلِيلُ الْأَصْلُ فِي الرَّفْعِ الْفَاعِلُ، وَالْبَوَاقِي مُشَبَّهَةٌ بِهِ، وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: الْأَصْلُ هُوَ الْمُبْتَدَأُ، وَالْبَوَاقِي مُشَبَّهَةٌ بِهِ، وَقَالَ الْأَخْفَشُ: كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَصْلٌ بِنَفْسِهِ، وَاحْتَجَّ الْخَلِيلُ بِأَنَّ جَعْلَ الرَّفْعِ إِعْرَابًا لِلْفَاعِلِ أَوْلَى مِنْ جَعْلِهِ إِعْرَابًا لِلْمُبْتَدَأِ، وَالْأَوْلَوِيَّةُ تَقْتَضِي الْأَوَّلِيَّةَ: بَيَانُ الْأَوَّلِ: أَنَّكَ إِذَا قُلْتَ: «ضَرَبَ زَيْدْ بَكْرْ» بِإِسْكَانِ الْمُهْمَلَتَيْنِ لَمْ يُعَرَفْ أَنَّ الضَّارِبَ مَنْ هُوَ وَالْمَضْرُوبَ مَنْ هُوَ أَمَّا إِذَا قُلْتَ: «زَيْدْ/ قَائِمْ» بِإِسْكَانِهِمَا عَرَفْتَ مِنْ نَفْسِ اللَّفْظَتَيْنِ أَنَّ الْمُبْتَدَأَ أَيُّهُمَا وَالْخَبَرَ أَيُّهُمَا، فَثَبَتَ أَنَّ افْتِقَارَ الْفَاعِلِ إِلَى الْإِعْرَابِ أَشَدُّ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْأَصْلُ هُوَ. وَبَيَانُ الثَّانِي أَنَّ الرَّفْعِيَّةَ حَالَةٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ الْمُبْتَدَأِ وَالْخَبَرِ، فَلَا يَكُونُ فِيهَا دَلَالَةٌ عَلَى خُصُوصِ كَوْنِهِ مُبْتَدَأً وَلَا عَلَى خُصُوصِ كَوْنِهِ خَبَرًا، أَمَّا لَا شَكَّ أَنَّهُ فِي الْفَاعِلِ يَدُلُّ عَلَى خُصُوصِ كَوْنِهِ فَاعِلًا، فَثَبَتَ أَنَّ الرَّفْعَ حَقُّ الْفَاعِلِ، إِلَّا أَنَّ الْمُبْتَدَأَ لَمَّا أَشْبَهَ الْفَاعِلَ فِي كَوْنِهِ مُسْنَدًا إِلَيْهِ
1 / 61