Mafātīḥ al-Ghayb
مفاتيح الغيب
ناشر
دار إحياء التراث العربي
شماره نسخه
الثالثة
سال انتشار
١٤٢٠ هـ
محل انتشار
بيروت
ژانرها
تفسیر
اسمه تعالى الباقي:
الِاسْمُ الثَّامِنُ: لَفْظُ الْبَاقِي، قَالَ تَعَالَى: وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ [الرَّحْمَنِ: ٢٧] وَاعْلَمْ أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ أَزَلِيًّا كَانَ بَاقِيًا وَلَا يَنْعَكِسُ، فَقَدْ يَكُونُ بَاقِيًا وَلَا يَكُونُ أَزَلِيًّا وَلَا أَبَدِيًّا كَمَا فِي الْأَجْسَامِ وَالْأَعْرَاضِ الْبَاقِيَةِ، وَمِنَ النَّاسِ مَنْ قَالَ: لَفْظُ الْبَاقِي يُفِيدُ الدَّوَامَ، وَعَلَى هذا ألا يَصِحُّ وَصْفُ الْأَجْسَامِ بِالْبَاقِي، وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، لِإِطْبَاقِ أَهْلِ الْعُرْفِ عَلَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ أبقاك الله.
الدائم:
الِاسْمُ التَّاسِعُ: الدَّائِمُ، قَالَ تَعَالَى: أُكُلُها دائِمٌ [الرَّعْدِ: ٣٥] وَلَمَّا كَانَ أَحَقُّ الْأَشْيَاءِ بِالدَّوَامِ هُوَ الله كان الدائم هو الله.
واجب الوجود:
الِاسْمُ الْعَاشِرُ: قَوْلُنَا: «وَاجِبُ الْوُجُودِ لِذَاتِهِ» وَمَعْنَاهُ أَنَّ مَاهِيَّتَهُ وَحَقِيقَتَهُ هِيَ الْمُوجِبَةُ لِوُجُودِهِ، وَكُلُّ مَا كَانَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُمْتَنِعَ الْعَدَمِ وَالْفَنَاءِ، وَاعْلَمْ أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ وَاجِبَ الْوُجُودِ لِذَاتِهِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ قَدِيمًا أَزَلِيًّا، وَلَا يَنْعَكِسُ، فَلَيْسَ كُلُّ مَا كَانَ قَدِيمًا أَزَلِيًّا كَانَ وَاجِبَ الْوُجُودِ لِذَاتِهِ، لِأَنَّهُ لَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ مُعَلَّلًا بِعِلَّةٍ أَزَلِيَّةٍ أَبَدِيَّةٍ، فَحِينَئِذٍ يَجِبُ كَوْنُهُ أَزَلِيًّا أَبَدِيًّا بِسَبَبِ كَوْنِ عِلَّتِهِ كَذَلِكَ، فَهَذَا الشَّيْءُ يَكُونُ أَزَلِيًّا أَبَدِيًّا مَعَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ وَاجِبَ الْوُجُودِ لِذَاتِهِ، وَقَوْلُهُمْ بِالْفَارِسِيَّةِ «خَدَايُ» مَعْنَاهُ أَنَّهُ وَاجِبُ الْوُجُودِ لِذَاتِهِ لِأَنَّ قَوْلَنَا: «خَدَايُ» كَلِمَةٌ مُرَكَّبَةٌ مِنْ لَفْظَتَيْنِ فِي الْفَارِسِيَّةِ: إِحْدَاهُمَا: خَوَدَ، وَمَعْنَاهُ ذَاتُ الشَّيْءِ وَنَفْسُهُ وَحَقِيقَتُهُ وَالثَّانِيَةُ قَوْلُنَا: «آيُ» وَمَعْنَاهُ جَاءَ، فَقَوْلُنَا: «خَدَايُ» مَعْنَاهُ أَنَّهُ بِنَفْسِهِ جَاءَ، وَهُوَ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ بِنَفْسِهِ وَذَاتِهِ جَاءَ إِلَى الْوُجُودِ لَا بِغَيْرِهِ، وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَيَصِيرُ تَفْسِيرُ قَوْلِهِمْ: «خَدَايُ» أَنَّهُ لِذَاتِهِ كان موجودا.
الكائن:
الِاسْمُ الْحَادِيَ عَشَرَ: الْكَائِنُ، وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ كَثِيرُ الْوُرُودِ فِي الْقُرْآنِ بِحَسَبِ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا [الْكَهْفِ: ٤٥] وَقَالَ إِنَّ اللَّهَ: كانَ عَلِيمًا حَكِيمًا [النِّسَاءِ: ٢٤] وَأَمَّا وُرُودُ هَذَا اللَّفْظِ بِحَسَبِ ذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ غَيْرُ وَارِدٍ فِي الْقُرْآنِ، لَكِنَّهُ وَارِدٌ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ،
رُوِيَ فِي الْأَدْعِيَةِ الْمَأْثُورَةِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: «يَا كَائِنًا قَبْلَ كُلِّ كَوْنٍ، وَيَا حَاضِرًا مَعَ كُلِّ كَوْنٍ، وَيَا بَاقِيًا بَعْدَ انْقِضَاءِ كُلِّ كَوْنٍ»
أَوْ لَفْظٌ يَقْرُبُ مَعْنَاهُ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ وَيُنَاسِبُهُ من بعض الوجوه واعلم أن هاهنا بَحْثًا لَطِيفًا نَحْوِيًّا: وَذَلِكَ أَنَّ النَّحْوِيِّينَ أَطْبَقُوا عَلَى أَنَّ لَفْظَ «كَانَ» عَلَى قِسْمَيْنِ: أَحَدُهُمَا: الَّذِي يَكُونُ تَامًّا، وَهُوَ بِمَعْنَى حَدَثَ وَوُجِدَ وَحَصَلَ، قَالَ تَعَالَى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ [آلِ عِمْرَانَ: ١١٠] أَيْ حَدَثْتُمْ وَوُجِدْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ. وَالثَّانِي: الَّذِي يَكُونُ نَاقِصًا كَقَوْلِكَ «كانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا»، فَإِنَّ لَفْظَ كَانَ بِهَذَا التَّفْسِيرِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مَرْفُوعٍ وَمَنْصُوبٍ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ كَانَ عَلَى كِلَا التَّقْدِيرَيْنِ فِعْلٌ، إِلَّا أَنَّهُمْ قَالُوا: أَنَّهُ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ فِعْلٌ تَامٌّ، وَعَلَى الثَّانِي فِعْلٌ نَاقِصٌ، فَقُلْتُ لِلْقَوْمِ: لَوْ كَانَتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ فِعْلًا لَكَانَ دَالًّا عَلَى حُصُولِ حَدَثٍ فِي زَمَانٍ مُعَيَّنٍ/ وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكُنَّا إِذَا أَسْنَدْنَاهُ إِلَى اسْمٍ وَاحِدٍ لَكَانَ حِينَئِذٍ قَدْ دَلَّ عَلَى حُصُولِ حَدَثٍ لِذَلِكَ الشَّيْءِ، وَحِينَئِذٍ يَتِمُّ الْكَلَامُ، فَكَانَ يَجِبُ أَنْ يُسْتَغْنَى عَنْ ذِكْرِ
1 / 122