فلننظر الان اى هذه الطرق الاربعة من طرق العلم يضطر بالحاجة الى تقديمه وان نبتدى بالنظر فيه او لعله ان يكون من الامر البين انه يجب ان يقدم منها ما كان اولا فى طبيعته متقدما لجميع هذه العلوم الباقية والذى هو الابتدا والاصل لها والذى قياسه اليها قياس الوالد وهو صناعة علم العدد وليس انما السبب فى ذلك ما قلناه من ان انها سابقة فى علم الله صانع الاشيا متقدمة للعلوم الباقية بمنزلة الشى الجميل الذى قياسه الى الاشيا الباقية قياس المثال فجعله مثالا لساير الاشيا التى خلق وحذوا عليها وعلى حسبه خلقها وسواها وزين ما خلقه من العنصر وبلغ به الامر الافضل الموافق فى كل واحد من الاشيا فقط لكن لان هذه الصناعة مع ذلك اقدم بالطبيعة من الصنايع الاخر وذلك ان الصنايع الاخر ترتفع وتبطل بارتفاع هذه الصناعة وليس ترتفع هى بارتفاع تلك كما ان الحيوان اقدم من الانسان بالطبيعة وذلك ان الانسان يرتفع ويبطل بارتفاع الحيوان وليس يرتفع الحيوان بارتفاع الانسان وايضا فان الانسان اقدم فى الطبيعة من النحوى وذلك انه متى لم يكن انسان لم يكن نحوى واما اذا لم يكن نحوى فقد يمكن ان يكون انسان فليس يرتفع الانسان بارتفاع النحوى ولذلك صار اقدم منه وفى عكس ما قلنا يقال ان الشى بعد الشى اوانه تاخر عنه بالطبيعة اذا كان الشى لا يجب لوجوبه ويدخل بدخوله وليس يجب هو بوجوب ذلك الاخر مثل صاحب علم الموسيقى فانه يجب بوجوبه ان يكون الانسان موجودا وكذلك الفرس ايضا فانه لا يجب بوجوده ان يكون الانسان موجودا ولا يعرض عكس ذلك لان الحيوان اذا كان موجودا ولا متى كان الانسان موجودا وجب ان يكون صاحب علم الموسيقى موجودا وكذلك ايضا تكون الحال فى العلوم التى قدمنا ذكرها وذلك انه متى كانت الهندسة موجودة وجب اضطرارا ان يكون علم العدد موجودا وذلك ان صاحب علم الهندسة اذا قال ان الشكل مثلث او مربع او ذى ثمانى قواعد او ذو عشرين قاعدة او ان الشى ثلثة اضعاف او ثمانية اضعاف او مثل ونصف او غير ذلك مما اشبهه وليس يمكن ان يكون الشى من ذلك موجودا او مفهوما من غير العدد الذى يتبين معه وذلك انه لا يمكن ان يكون شى ما ثلثة امثال او ان يقال انه كذلك من 〈غير〉 ان يكون قد تقدمه وضع عدد الثلثة ولا الثمانية الاضعاف من غير عدد الثمانية واما امر العدد فانه يجرى على عكس ما قلناه لانه متى ما لم يكن عدد الثلثة او لا الاربعة او ما بعدها من الاعداد معلوما موجودا عرض الا يكون الشكل المشارك له فى الاسم موجودا فقد وجب مما قلنا ان علم العدد يرتفع ويبطل بارتفاعه وبطلانه علم الهندسة ولا يرتفع هو ويبطل ببطلان علم الهندسة وان ذلك العلم يجب بوجوب هذا العلم.
[chapter 5: I 5]
صفحه ۱۷