مدینه فاضله
المدينة الفاضلة عند فلاسفة القرن الثامن عشر
ژانرها
وأما ما أحب أن أنبه القارئ إلى وجوب ملاحظته لتكون الصورة التي صورها بيكر للقرن الثامن عشر أدق - فيما أعتقد أنا - فينحصر فيما يلي:
أولا:
أن الثورة الفرنسية كانت الخاتمة الوحيدة لفكرة القرن الثامن عشر.
ثانيا:
بيان الصلة بين الثورة وفكرة القرن الثامن عشر، وعلى أي وجه فكري تم الاتصال بينهما.
ثالثا:
الصلة بين الثورة الروسية والثورة الفرنسية.
عالج بيكر أمر الثورة الفرنسية في الصفحات الأخيرة من محاضرته الرابعة دون أن يوضح إطلاقا الصلة الفكرية بين نظرية الثورة وبين حركة الاستنارة، وأحب أن أوضح أني لا أطلب منه أن يتكلم في أسباب أو في ظروف الثورة الفرنسية، فهذا شيء آخر، ليس من موضوعه، ولكني أحب أن أقول: إن من عناصر حركة الاستنارة ما يفضي إلى المحافظة أو إلى الإصلاح المعتدل أو التدريجي، كما أن منها ما يفضي حتما إلى فكرة «الثورة» أو الانقلاب، وإهمال بيان هذا هو ما آخذه على بيكر؛ فمثلا «فكرة المنفعة» أو الحكم على النظم بمقدار ما تحققه من منفعة، هذه الفكرة عرض لها بيكر عرضا موجزا دون أن يبين أنها ربما كانت الأثر الأكبر لحركة الاستنارة في إنجلترا، ويقرر بنتام رأس مذهب «المنفعيين» أنه اقتبس فكرته من هلفسيوس بالذات.
وهكذا تجد عنصرا هاما من عناصر الاستنارة يفضي لا إلى الثورة، بل إلى الإصلاح عن طريق الأدوات التشريعية القائمة.
ومثل آخر، استمدت الثورة الأمريكية من حركة الاستنارة عنصرا معينا ألا وهو العمل على حماية الفرد لأقصى حدود الحماية بتقييد سلطان الحكومة بشتى القيود، وهذا على أساس نظرية الحقوق الطبيعية للإنسان، وعلى أساس الحريات والحقوق المكتسبة للأمريكي من القانون الإنجليزي - وكان هذا القانون مما ورثه الأمريكيون عن صلتهم بإنجلترا قبل الاستقلال، وهكذا تجد عنصرا آخر من عناصر حركة الاستنارة يفضي إلى ثورة اسما، ولكن شتان ما بينها وبين الثورة الفرنسية.
صفحه نامشخص