مدینه فاضله
المدينة الفاضلة عند فلاسفة القرن الثامن عشر
ژانرها
إن غاية الحياة هي الحياة نفسها، غايتها الحياة الطيبة في الدنيا لا حياة الغبطة بعد الموت. (3)
إن الإنسان قادر بهدى العقل والتجربة فقط أن يبلغ بالحياة الطيبة حد الكمال. (4)
إن الشرط الأول للحياة الطيبة إطلاق العقول من ضلال الجهل والخرافة، والأجساد من قهر السلطات الاجتماعية وجورها.
وقد اطمأن الفلاسفة إلى أن التاريخ سوف يؤيد تلك المبادئ التي كشف عنها العقل والحجى، ولكن على أن يعينوا التاريخ على أداء هذا، فغمروا بعض جنباته بالنور، وتركوا البعض منها في ظلام دامس، وجعلوا للبعض الآخر نصيبا من النور، فكان أقل عتمة، ففرقوا بين عصور طيبة وأخرى خبيثة، فأما الخبيثة فكانت ما سموه بالعصور «المظلمة»؛ أي العصور التي سادتها الفلسفة المسيحية بلا منازع لها، وأما العصور الطيبة السعيدة فهي عصرا بريكليس في أثينا وأجسطوس في روما، ولا بدع في ذلك فإن ثقافة الفلاسفة بلا استثناء كانت ثقافة يونانية رومانية خالصة، وعصر النهضة الأوروبية أو الحركة الإنسانية وعصر لويس الرابع عشر والقرن الثامن عشر، وهي العصور الأربعة السعيدة في نظر فولتير، وقد أضاف الفلاسفة إلى هذه العصور الأوروبية عصور الحضارات الآسيوية قبل أن تنكب الشعوب غير الأوروبية بفقدان استقلالها، وبما جره الاستعمار الأوروبي عليها من بؤس وشقاء.
وهكذا يؤدي التاريخ الجديد إلى التمييز - الذي عجز العقل الخالص بمفرده عن أدائه - بين ما هو صالح وما هو فاسد بالطبع، وهو يؤيد ما قضى به العقل من كون الفلسفة المسيحية عدوة الإنسانية.
ولنوضح هذا بوصف موجز لأشهر مؤرخي العصر:
مابلي:
قرر أن فرنسا كانت تنعم منذ أيام شارلمان على الأقل بدستور جيد، وكان يمكن أن يبقى لها لولا طغيان القسيسين والفوضى الإقطاعية، والدستور ممكن استخلاصه مما تراكم عليه، وهو بقليل من «الصقل» يصبح صالحا لفرنسا من جديد.
هيوم:
إن تاريخ أي شعب من الشعوب الأوروبية كان يمكن جدا أن يكون كتاريخ إنجلترا لولا ما حدث للشعوب من طغيان الملوك ورجال الحكم ودسائس القسيسين وغلبة حب الدنيا عليهم، وجموح التعصب الديني وأوهام السفلة من الشعب، وهذه - كما ترى - شرور لا يخفى أمرها، ولا يستعصي علاجها.
صفحه نامشخص