مدینه فاضله عبر تاریخ
المدينة الفاضلة عبر التاريخ
ژانرها
وسوف نتكلم هنا باختصار شديد عن تنين (ليفياتان
Leviathan ) هوبز وأوقيانوسة
Oceane
هارنجتون، فعلى الرغم من الإشارة إليهما في كثير من الأحيان على أنهما يوتوبييان، فإن أدق وصف للكتاب الأول هو أنه بحث عن الحكومة، أما الثاني فينتمي إلى فئة الدساتير المثالية أكثر مما ينتمي إلى الحكومات المثالية. ومن ناحية أخرى سنتناول بالتفصيل «قانون الحرية» لونستنلي، لأنه من جهة قد لقي التجاهل بصفة عامة، ولأنه من جهة أخرى يجسد روح الثورة الإنجليزية في أكثر أشكالها شعبية وثورية.
لقد قام «ليفياتان» توماس هوبز، الذي نشر عام 1651م، على تأكيد حق الدولة في السلطة المطلقة، وأنكر امتلاك الإنسان لأي «حقوق طبيعية». وذهب هوبز إلى أن الإنسان ليس كائنا اجتماعيا بطبيعته، وليس مزودا بالحس الأخلاقي، وإنما الدولة هي التي وضعت نهاية «حرب الجميع ضد الجميع». وقد منح الملوك الأوائل - بحكم العقد المبرم - السلطة المطلقة على بقية الشعب، ومن واجب الأجيال التالية أن تحترم هذا العقد، ومن يخالفه يدان بارتكاب أبشع جريمة. وأيد هوبز الملكية المطلقة باعتبارها أفضل أشكال الحكومات، وذهب إلى أن الفرد ملزم بالخضوع الكامل لهذه الحكومة، كما أنكر على الكنيسة أي سلطة زمنية دنيوية ، وحتم على الدولة أن تعترف بالدين وتتولى تعليمه. والواقع أن اسم «الليفياتان» (التنين) كما يقول ف. أ. لانجيه
F. A. Lange ،
1
ملائم ملاءمة تامة لهذا الوحش، أي الدولة التي تحكم دون مراعاة لأي اعتبارات سامية، وكأنها إله أرضي ينظم على هواه القانون والعدل، والحقوق والملكية، بل ويحدد بشكل تعسفي مفاهيم الخير والشر، وذلك مقابل حماية حياة أولئك الذين يركعون على أقدامهم ويقدمون له القرابين.
كتب هارنجتون كتابه «أوقيانوسة» (عام 1656م) بعد إعدام شارل الأول، في وقت بدا فيه أن من الممكن التوصل إلى إصلاحات حاسمة لحل المشكلات الاقتصادية والسياسية التي كانت إنجلترا تعاني منها. وبينما اهتم «قانون الحرية»، الذي ظهر قبله ببضع سنوات قليلة (1652م)، بشكل أساسي بتحسين ظروف العمال الزراعيين المعدمين، تعرض «أوقيانوسة» لتحسين أوضاع الطبقة الوسطى. فقد كان حق «الإخوة الكبار» في الميراث بكامله يركز الملكية في أيدي قلة من الشعب يتناقص عددها باستمرار، كما كان يحكم التوازن الاقتصادي للملكية في البلاد، ويوجد طبقة من المتطفلين تتكون بشكل أساسي من رجال الدين والمحامين، وتمثل الملاذ الوحيد «للأبناء الأصغر».
آمن هارنجتون باستحالة وجود سلطة سياسية من دون سلطة اقتصادية، وأراد أن يبسط هذه السلطة الاقتصادية على قطاع كبير من السكان عن طريق تطبيق قانون زراعي، يحدد حجم ملكية الأرض بالمساحة التي تدر دخلا سنويا يقدر بثلاثة آلاف جنيه. ويستلزم هذا التوازن الجديد للملكية أن تحافظ عليه حكومة جمهورية يشغل جميع مناصبها رجال يختارون بالاقتراع ويزاولون أعمالهم لفترة محدودة، كما يستلزم وجود نظام المجلس المزدوج، بحيث يخصص أحد المجلسين للمناقشة والآخر للتصويت. وقد قام هذا التقسيم الغريب على افتراض وجود تفرقة مهمة بين القدرة على «الابتكار» والقدرة على «الحكم» وعلى أن الفصاحة تمثل خطرا على الدولة الديمقراطية. إن «الرجال الأحرار»، أي أصحاب الملكية، هم وحدهم الذين يحق لهم المشاركة في حكومة الدولة (الكومنولث)؛ أما «الخدم» التابعون لغيرهم اقتصاديا فلم يكن في استطاعتهم الاشتراك في شئون الدولة. ومع ذلك فمن الممكن أن يرتفع الخدم، على خلاف العبيد في بلاد الإغريق القديمة، بفضل مجهودهم إلى منزلة الرجال الأحرار.
صفحه نامشخص