مدینه فاضله عبر تاریخ

عطيات ابو السعود d. 1450 AH
188

مدینه فاضله عبر تاریخ

المدينة الفاضلة عبر التاريخ

ژانرها

ويشب الأطفال في ضياع أو منتجعات واسعة يؤمنون فيها من الخوف والأفكار الشريرة، والصدمات التي تهز خيالهم، ويعودون على النظافة، والصدق، ومساعدة المحتاجين، والثقة في العالم، والإحساس بالانتماء للهدف العظيم للجنس البشري. وبعد سن التاسعة أو العاشرة يخرج الأطفال للعالم - إذ كان تعليمهم قبلها في أيدي الممرضات والمعلمات - ويشارك الآباء بدور أكبر في القيام على تربيتهم. وعلى الرغم من أن الآباء من الناحية العملية ليس لهم أي سلطة على أولادهم وبناتهم، فإنهم يقفون بحكم الطبيعة في صف أطفالهم ويصبحون أصدقاء لهم.

ويتعلم كل شاب يوتوبي المبادئ الخمسة للحرية. والمبدأ الأول هو مبدأ الخصوصية: «فجميع الحقائق الشخصية عن الأفراد هي سر بين المواطن والمنظمة العامة التي يأتمنها عليها، ولا تستخدم إلا لمصلحته وبعد موافقته ... ومثل هذه الحقائق تقدم للأغراض الإحصائية، ولا يجوز المساس بها كحقائق شخصية وفردية.» وتشتد ضرورة العمل بهذا المبدأ، لأن ولز يصر في «يوتوبيا حديثة» على أن يسجل كل فرد في الدليل، وأن يكون مقر إقامته على الكوكب معروفا للتنظيم اليوتوبي. ويمكن تلافي الأخطار الواضحة من احتمال تدخل الناس في حقائق الحياة الشخصية الحميمة وتزييفها بالحرص على أن تكون الخصوصية حقا مقدسا للأفراد.

والمبدأ الثاني هو مبدأ حرية الحركة: «فالمواطن الذي يحق له أن يعفى من التزاماته العامة، يمكنه أن يذهب لأي جزء من أجزاء الكوكب اليوتوبي دون تصريح أو تفسير، وجميع وسائل النقل تحت تصرفه بالمجان. وفي استطاعة كل يوتوبي أن يغير البيئة المحيطة به، والمناخ والجو الاجتماعي كما يشاء.»

والمبدأ الثالث هو مبدأ المعرفة غير المحدودة: «فكل ما هو معروف في يوتوبيا - باستثناء الحقائق الفردية والشخصية عن الأحياء - مسجل ومتاح بواسطة مجموعة كاملة من الأدلة، والمكتبات والمتاحف، ومكاتب الاستعلام.»

والمبدأ الرابع عن الحرية هو «الكذب هو أشنع الجرائم»؛ والإدلاء بوقائع غير صحيحة أو حتى إخفاء واقعة مادية يعتبر من الأكاذيب المشينة في يوتوبيا.

والمبدأ الخامس هو مبدأ حرية المناقشة والنقد، فكل يوتوبي حر في نقد ومناقشة أي شيء في الكون بأسره شريطة ألا يكذب، ويمكنه أن يسيء الاحترام كما يريد، ويقترح أي شيء مهما كان مخلا بالنظام والأمن.

وعلى الرغم من أن ولز يضحي بالكثير من مفاهيمه «البرجوازية» في كتابه «بشر كالآلهة»، إلا أنه لم يتبن أي نظام شيوعي. فالنقود في شكل عملات معدنية أو ورقية لم تعد تستعمل، لأن جميع المعاملات تتم عن طريق البنوك. ويتسلم كل طفل عند ميلاده من المال العام مبلغا من المال يكفي للإنفاق على تعليمه ومعيشته حتى سن الخامسة والعشرين، ولكنه يختار بعد ذلك وظيفة معينة، ويضيف من جديد إلى رصيده. أما المجتهدون والمبدعون فغالبا ما يتلقون منحا كبيرة لتنفيذ أعمالهم، ويجمع الفنانون في بعض الأحيان ثروة كبيرة إذا زاد الطلب على أعمالهم. والظاهر أن الاحتفاظ بالأجور يلعب دورا صغيرا في يوتوبيا، ويرجع هذا فيما يبدو لعدم استعداد ولز للتسليم برأي الشيوعيين من أمثال وليم موريس.

ومع ذلك يبدو أن ولز قد تنازل في أمر لا يقل عن ذلك أهمية، فهو على الرغم مما قاله من قبل في «يوتوبيا حديثة» قد وصف جنسا حكيما ومتسامحا ونبيلا كاملا، ولا يختلف اختلافا جوهريا عن جنسنا. ففي يوتوبيا كما يقول: «تم القضاء عن عمد، خلال الاثني عشر قرنا الماضية، على جميع الأنماط القبيحة، والشريرة، والضيقة الأفق، والغبية، والمكتئبة، ولكن الرجل العادي في يوتوبيا، باستثناء ما يستدعيه تحقيق إمكاناته الباطنة، لم يكن يختلف إلا اختلافا قليلا جدا عن أولئك الناس العاديين النشطين والقادرين في العصر الحجري المتأخر، أو في مجتمع العصر البرونزي المبكر. لقد كانت تغذيتهم وتدريبهم وتعليمهم أفضل بكثير وبغير حدود، وكانت أحوالهم العقلية والجسدية تتسم بالنظافة والكفاءة، ولكن كان لهم نفس الأجساد ونفس الطبيعة التي لنا.»

وتعد «بشر كالآلهة» آخر يوتوبيا في التراث «الكلاسيكي»، وقد يتساءل المرء عما إذا كان ولز هو آخر الكتاب اليوتوبيين. غير أننا نستطيع أن نقول، من جهة أخرى، إن الاهتمام بالأدب اليوتوبي لا يزال في الواقع بعيدا كل البعد عن الاختفاء. فقد خصص لويس ممفورد دراسة شاملة عن «قصة اليوتوبيات»، جمع فيها بين التحليل النقدي وبعض الاقتراحات المهمة من جانبه.

وقدمت واستقصت إيثيل مانين

صفحه نامشخص