[المعرضون عن الذكر]
وقال تبارك وتعالى فيمن أعرض عن ذكره بعد قيام حجته وطغى وتعدى: {فأعرض عمن تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا ذلك مبلغهم من العلم إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى} [النجم: 30].
وكما قال عيسى بن مريم، صلى الله عليه وسلم: (( لا تمنعوا الحكمة أهلها فتظلموهم، ولا تبذلوها لمن لا يستأهلها فتظلموها، ولا تطرحوا كرائم الدر بين الخنازير فيقذروها)).
وكما قيل للمتكلمبالحكمة عند من لا يعقلها، ويؤثرها فيقبلها، كالمغني عند رؤوس الموتى، وكذلك من أمات الله قلبه عن آياته، فلم يقبلها هلكة وموتا .
وكما ذكر عن يحيى بن زكريا صلى الله عليه: أنه سارت طائفة من الزنادقة وأبنائها إليه، يريدون تطهرته ومسألته تعنتا وتمردا، فقال لهم إذ علم أنهم لا يريدون بمسألته الرشد والهدى، عندما طلبوا من ذلك إليه: يا أبناء الأفاعي، ائتوا بثمرة تصلح للتطهر والتزكي، وأبى صلى الله عليه أن يطهرهم، إذ عرف كفرهم وأمرهم، فكتاب الله أولى ما أعز وأكرم، إلا عمن آمن بالله واستسلم، فأما من أعرض عنه وتمرد عليه، فحقيق بأن لا يعلم بسر من أسرار حكمة الله فيه.
صفحه ۱۷