والآن أخبرك أن نفس الاضطهاد الذي أصابك يدل على أنك سائر في طرق المسيح، وكل رجل يسير في هذه الطرق لا بد أن يصدم في طريقه ملك هذا العالم. إن الإنسان يجب أن لا يخفي النور تحت المكيال، بل أن يضعه في مكان ينير الناس، وهذا أمر لا يريده ملك هذا العالم؛ لأن النور يظهر ظلمه وأعماله؛ فلذلك يجب على الراغبين في مساعدة التقدم وإنشاء مملكة الله في الأرض أن يكشفوا الستار عن أعماله مهما أصابهم من الاضطهاد، وبناء عليه فإني أسأل الله أن يعينك.
أنا من رأيك في كل ما ذكرته في كتابك، وأوافق على أقوالك كل الموافقة، غير أنني أريد أن أقدم لك نصيحة، وهي أنك حين كشف الستار عن كذب الناس لا تنس المحبة الواجبة لأخيك التائه الذي تكشف ذنبه، واعتمد بالأكثر على العقل والمحبة لا على آيات الكتاب؛ لأن الكتاب مكتوب بيد الإنسان، فليس هو بمعصوم، وكل واحد يفسره كما يشاء، أما العقل السليم فإنه يردنا رأسا من الله، وهو واحد لا يتغير في التتر كما في الصينيين وفي سائر الشعوب، وليس في استطاعتنا إنكار شعوره وتكذيب تعليمه؛ إذ لا ينكره ويكذبه إلا الذين يرفضون معرفة الحقيقة.
وإني أضع لك في كتابي هذا مقالات صغيرة عن الإيمان الذي أؤمن به، منها مقالتان من قلمي؛ إحداهما عنوانها «وصايا المسيح»، والثانية «كيف يجب أن نقرأ الإنجيل»، وأما المقالات الأخرى فليست من قلمي، ولكني موافق على ما فيها. ا.ه.
أخوك الذي يحبك
ليون تولستوي
هوامش
صفحه نامشخص