85
من الأمور، وتلظ من الحروب، والدنيا كاسفة النور ظاهرة الغرور، على حين اصفرار من ورقها، وإياس من ثمرها، واغورار من مائها، قد درست منار الهدى، وظهرت أعلام الردى، فهي متجهمة
86
لأهلها عابسة في وجه طالبها، ثمرها الفتنة، وطعامها الجيفة، وشعارها الخوف، ودثارها السيف.
87
وفي هذه القطعة يصف علي كيف كانت الحياة قبل بعثة الرسول، ويغلب عليه الفن، فيلون كلامه بفنون من الخيال، ويذكر أن الدنيا كانت كاسفة النور، وأنها كانت مصفرة الورق، وأن ثمرها كان ميئوسا منه، وأنها كانت غائرة الماء، ثم يمضي فيذكر تجهمها وعبوسها، ويجعل من ثمرها الفتنة، ومن طعامها الجيفة، ويقضي بأن شعارها الخوف، ودثارها السيف.
والافتنان في وصف ما كانت عليه الجاهلية من الظلمات سيصير أساسا لأكثر ما يكتب في بيان فضل الرسول، وهذه معان لم يخلقها علي بن أبي طالب، وإنما وضعت أصولها الأولى في القرآن.
وفي مكان آخر يذكر أن النبوة قديمة، تنقلت من صلب إلى صلب حتى وصلت إلى سيدنا محمد
صلى الله عليه وسلم ، ويقول في وصف الأنبياء:
استودعهم في أفضل مستودع، وأقرهم في خير مستقر، تناسخهم كرائم الأصلاب، إلى مطهرات الأرحام، كلما مضى منهم سلف، قام منهم بدين الله خلف، حتى أفضت كرامة الله سبحانه إلى محمد صلى الله عليه وآله، فأخرجه من أفضل المعادن منبتا، وأعز الأرومات
صفحه نامشخص