وقبر شرهم هذا من العبر
ما ينفع الرجس من قرب الزكي ولا
على الزكي بقرب الرجس من ضرر
هيهات كل امرئ رهن بما كسبت
له يداه فخذ ما شئت أو فذر
وهو يعني قبر الرشيد، وقبر علي الرضا، وكان يعرف ما سيلقى من أبناء الرشيد.
9
فهذه الجرأة هي سمة التصوف في الحب، وأخذ هذا الشاعر لعطايا الرشيد وذمه بعد ذلك لون من الانحراف، ولكنه دليل على أن هوى الشاعر كان كله موجها إلى أهل البيت، ولولا ذلك الهوى لاستطاع أن ينعم بدنيا المأمون. والتصوف في ذاته خبال في المقاصد الدنيوية، ولكن جماله يرجع إلى الشجاعة في احتقار ما في الدنيا من لذة ومتاع، وهل هناك شجاعة أقوى من أن يخرج المرء على الغالبين ليناصر المغلوبين؟ وهل هناك زهد أبلغ من ترك دعبل طيبات الحياة في قصور الخلفاء ليدور في الدنيا كما يدور الصعاليك؟ (5)
لقد كان لدعبل مدائح كثيرة في أهل البيت، ولكنها ضاعت ولم يبق إلا القليل، ومن جيد ما بقي قوله في رثاء الحسين:
رأس ابن بنت محمد ووصيه
صفحه نامشخص