وكذلك كون هذا الكتاب مدخلًا لمن أراد الوقوف على شرحي المؤلف لمتني "الرسالة" و"المختصر" لابن أبي زيد كما صرح بذلك القاضي عبد الوهاب في مقدمة هذا الكتاب.
وإن كل هذه المميزات جعلت لكتاب "المعونة" قيمة علمية كبيرة، فكانت الحاجة ماسة لتحقيقه وإخراجه إلى النور ليستفاد منه وليقف طلبة العلم على هذا الكنز العظيم من تراثنا الفقهي.
…
• مكانة كتاب "المعونة على مذهب عالم المدينة":
لقد كانت "للمعونة" مكانة عظيمة بين كتب المذهب المالكي: وتظهر هذه المكانة في تأثيره فيمن جاء بعده، فلا يخلو كتاب من مؤلفات المتأخرين إلا ويذكره وينقل عنه، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على عظم هذا الكتاب وفوائده الجمة وعلى قيمته العلمية التي سبق الإشارة إليها.
وفيما يلي ذكر ونماذج لبعض الكتب التي اعتمدت كتاب "المعونة" في النقل عنه، وأما الكتب التي نقلت آراء القاضي عبد الوهاب جملة، فهي كثيرة جدًّا لا يسعنا حصرها ولا داعي لذكرها:
١ - فتاوي ابن رشد:
لأبي الوليد محمَّد بن أحمد بن أحمد بن رشد -الجد- القرطبي المالكي (ت ٥٢٠ هـ)، فمما جاء في الجزء الأول قوله: " .. قال عبد الوهاب في المعونة: إن ذلك لبقائها على النجاسة وذلك بعيد، إلا أن يريد ببقائها على حكم النجاسة في الأكل خاصة، فيكون لذلك وجه وهو القياس على رفع النجاسة من الثوب بما عدا الماء من المائعات لزوال العين وبقاء الحكم في الصلاة خاصة" (^١).
_________
(^١) فتاوي ابن رشد: ١/ ٤٣٤.
1 / 65