• مميزات مدرسة المالكية بالعراق (^١):
امتاز علماء المذهب المالكي بالعراق عن غيرهم من المغاربة والمصريين بسعة الاطلاع على علماء ومؤلفات وكتب المذاهب الأخرى والاقتباس من طرقها وأساليبها، كما أنهم أشاعوا قواعد المذهب على غرار الأصوليين الأحناف والشافعية، وكانوا بذلك هم السباقون، ودرسوا المذهب المالكي بالمقارنة مع المذاهب الأخرى ويتضح هذا مما خلفوه من تراث فقهي مثل كتاب "عيون الأدلة" لابن القصار، والممهد والنصرة والإشراف -وهي ثلاثة كتب للقاضي عبد الوهاب- كما اعتمدت مدرسة العراق في دراسة الفقه على الفقه الفرضي والتقديري، وتوسعوا في العمل بالرأي والقياس في تقرير الأحكام، ولقد اختلف هذا عن منهج المغاربة الذي كان يعتمد على نقل النصوص والتحقق من نسبتها إلى السابقين، كما ازدهر فن القواعد الفقهية في العراق على أيدي الأحناف والشافعية والمالكية، ومنهم القاضي عبد الوهاب -كما سوف نلحظ ذلك من خلال حصرنا لمجموع القواعد المذكورة في هذا الكتاب- ولم يعتن المغاربة والمصريون من المالكية به إلا بعد عصر القاضي عبد الوهاب.
وتميزت طريقتهم في دراسة المدونة السحنونية عن طريقة نظرائهم من فقهاء إفريقية المالكيين، وقد تحدث المقري (٧٥٨ هـ) عن الطريقتين وسماهما الاصطلاحين وقال (^٢): " … أهل العراق جعلوا في مصطلحهم مسائل المدونة كالأساس، وبنوا عليها فصول المذهب بالأدلة والقياس، ولم يعرجوا على الكتاب بتصحيح الروايات، ومناقشة الألفاظ، ودأبهم القصد إلى إفراد المسائل وتحرير "الدلائل" على رسم الجدلين وأهل النظر من الأصوليين، وأما الاصطلاح القروي فهو البحث عن ألفاظ الكتاب، وتحقيق ما احتوت عليه
_________
(^١) انظر: مقدمة تحقيق كتاب "التفريع" (١/ ٩٥ - ٩٦) للتحقيق حسين الدهماني.
الفكر السامي في تاريخ الفقه الإِسلامي: ٢/ ١٠٢.
(^٢) مقدمة تحقيق كتاب "الفروق الفقهية" -لأبي الفضل الدمشتي ص ٢٣.
1 / 60