المذهب عنهم فلقد كان لهم الفضل في تقويم وتثبيت وتأصيل أركان المذهب المالكي في العراق، كما ساهموا وغيرهم من العلماء في الحجاز ومصر وإفريقيا والمغرب والأندلس في حمل راية المذهب وتعزيزه بعلمهم وبمؤلفاتهم حتى قيل: " .. لولا الشيخان والمحمدان والقاضيان لذهب المذهب المالكي، فالشيخان ابن أبي زيد وأبو بكر الأبهري، والمحمدان محمَّد بن سحنون ومحمد بن المواز والقاضيان أبو محمَّد عبد الوهاب وأبو الحسن بن القصار البغداديان" (^١) والأخوان: ابن الماجشون ومطرف والقرينان: أشهب، وابن نافع.
لكن ما حل القرن الخامس حتى استفحل النزاع بين المذاهب الفقهية: ولما قويت شوكة الشافعية في العراق شنوا حربًا على كل المذاهب الأخرى فتقربوا إلى الخليفة بواسطة رئيسهم أبي حامد الإسفراييني (٤٠٦ هـ) لإزاحة المالكية من المناصب العامة (^٢).
ولعل هذا من الأسباب التي جعلت آخر علماء المالكية الكبار ببغداد وهو شيخنا القاضي عبد الوهاب يضطر إلى الهجرة من بغداد إلى مصر وهو ما لقيه من الشافعية من عنت وحرج (^٣).
ومن هنا بدأ المذهب المالكي يضعف في العراق ولم يظهر بها إلا نادرا بعد أن انتقلت الريادة إلى الشافعية والحنابلة والحنفية (^٤).
…
_________
(^١) انظر: ترتيب المدارك: ١/ ٥٣، الفكر السامي، محاضرات في تاريخ المذهب المالكي في الغرب الإِسلامي ص ٢٠ - ٢١، الديباج المذهب: ١/ ٦٥ - ٨١.
(^٢) شذرات الذهب: ٣/ ١٧٨، سير أعلام النبلاء: ١٧/ ١٩٥.
(^٣) انظر: ترتيب المدارك: ٧/ ٢٢٢.
(^٤) ترتيب المدارك: ١/ ٥٣، ومحاضرات في تاريخ المذهب المالكي في الغرب الإِسلامي ص ٢١.
1 / 59