معقول و نامعقول در میراث فکری ما
المعقول واللامعقول في تراثنا الفكري
ژانرها
ومن الرباعيات: الطبائع الأربع؛ الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة، والأركان الأربعة؛ النار والهواء والماء والأرض، والأخلاط الأربعة؛ الصفراء والدم والبلغم والسوداء، والفصول الأربعة؛ الربيع والصيف والخريف والشتاء، والجهات الأربع؛ الشرق والغرب والشمال والجنوب، ومراتب العدد؛ آحاد وعشرات ومئات وألوف.
ومن الخماسيات: الخمسة الأجناس من الحيوان؛ الإنسان والطير والسابح والمشاء ذو الرجلين وذو الأربع، والذي ينساب على بطنه، والخمسة الأجزاء الموجودة في النبات؛ الأصل والعروق والورق والزهر والثمر، والخمسة الأيام الملقب أسماؤها بالعدد؛ الأحد والإثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس، والصلوات الخمس، والخمس القواعد التي بني عليها الإسلام، والحروف المستعملة في أوائل السور القرآنية، فمنها ما هو من حرف واحد، وما هو من حرفين ... إلى خمسة أحرف.
حتى إذا ما وصل «إخوان الصفا» في ذلك إلى العدد سبعة، وأخذوا يذكرون الأشياء «المسبعة» ذكروا المسبعة أو السبعية من غلاة الشيعة الذين ذهبوا إلى أن النطقاء بالشريعة سبعة، وهم: آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد، ثم محمد المهدي سابع النطقاء (وهو عندهم الإمام)، وبين كل اثنين من النطقاء سبعة أئمة.
واستطرد «الإخوان» هنا ليبينوا كيف جاءت الفرق الدينية كلها على أساس «العدد»، فهنالك الديانة الثنوية كالمانوية التي جاءت مصدقة للمذهب الزرادشتي الذي يجعل للكون إلهين: إله النور وإله الظلمة، وهما لذلك إله الخير وإله الشر، وإله للنهار وإله لليل، وهنالك الديانة المثلثة عند النصارى، وبالطبع هنالك الموحدون وهم المسلمون (ج23، ص178-182). «فما من عدد من الأعداد إلا وقد خلق الباري جل ثناؤه جنسا من الموجودات مطابقا لذلك العدد؛ قل أو كثر» (ج3، ص205).
32
ونترك هذا الجانب الرياضي من وقفة إخوان الصفا، وهو جانب - كما رأيت - امتزج فيه الأساس العقلاني بالتهاويم الخرافية الشاطحة، وننتقل إلى جانب آخر يصح أن نقول عنه إنه جانب بيولوجي من وجهة النظر عندهم؛ وذلك أنهم حاولوا أولا أن يرتبوا الوجود إلى مراتبه العليا والسفلى، ثم أن يروا بعد ذلك الطريقة التي يخلص بها الأدنى من الأعلى آنا، والأعلى من الأدنى آنا آخر.
فمراتب الوجود الهابطة من أعلى إلى أدنى هي عندهم: أولا الله الذي قالوا عنه إنه «الواحد» بلغة الرياضة التي قرءوا بها الكون، ومن الواحد الأعلى خرج جوهر روحاني بسيط في تكوينه، وهو ما أسموه بالعقل الفعال، وثالث المراتب مرتبة النفس التي صدرت عن العقل الفعال، ولك أن تسميها كذلك بالعقل المنفعل؛ لأنها قابلة لتلقي الصور التي يلهمها إياها العقل الفعال كما يتلقى طالب العلم تعاليم أستاذه، ومن هذه النفس الكلية برزت مرتبة رابعة هي المادة الخالصة التي لم تتشكل، واسمها عندهم - كما هي تسمى عادة في مجال الفلسفة الناقلة عن أرسطو - «الهيولى»، ثم جاءت المرتبة الأخيرة وهي التي صيغت فيها تلك الهيولى الأولى في مقادير معينة من حيث الطول والعرض والعمق، فصارت بذلك جسما مطلقا، أي إنه بعدئذ يكون قابلا للتشكيل في مختلف الأجسام التي نراها من حولنا.
ذلك هو الكون بمراتبه المتتالية هبوطا، ولقد جاء الإنسان ليمثل - بمقياس مصغر - تلك المراحل نفسها التي اجتازها العالم في نشأته، ومن ثم جاز لنا أن نسمي الإنسان عالما صغيرا، او أن نسمي العالم كله إنسانا كبيرا؛ لأن كلا منهما يعكس بحقيقته حقيقة الآخر، ومن أجل هذا التقابل بين الجانبين قيل إن الإنسان إذا أراد دراسة الكون، فما عليه إلا أن يبدأ بدراسة نفسه؛ لأنه واجد فيها نموذجا مصغرا (ج3، ص189).
فإذا هممنا بدراسة كهذه، كان أول ما يلفت النظر، هو أن الإنسان - ومثله الكون في جملته - وحدة عضوية يستحيل علينا أن نحللها إلى أجزاء مستقل بعضها عن بعض وإلا بطل وجوده على حقيقته، وفي ذلك يقول إخوان الصفا: «ومن يريد أن يفهم حكم العالم ومجاري أموره في فروع الموجودات التي في العالم من أصولها، تلك الأصول من أصول أخر قبلها، إلى أن تنتهي إلى أصل يجمعها كلها، كمثل شجرة واحدة لها عروق وأغصان، وعليها فروع وقضبان، وعلى تلك الفروع والقضبان أوراق وتحتها نور وثمار لها لون وطعم ورائحة ...
كمجرى حكم جنس الأجناس الذي تحته أنواع ... وتحت تلك الأنواع أشخاص كثيرة مختلفة الصور والأشكال، والهيئات والأعراض ...
صفحه نامشخص