ابوالعلاء معری، طوفان عصرها
أبو العلاء المعري زوبعة الدهور
ژانرها
قلدتني الفتيا فتوجني غدا
تاجا بإعفائي من التقليد
ومن الرزية أن يكون فؤادك ال
وقاد في جسد عليه بليد
وحوادث الأيام تولد جلة
وتعود تصغر ضد كل وليد
امضوا، سلمكم الله.
وبعد إفطار غرة رمضان سنة 411، دخل الداعي إسماعيل التميمي على أبي العلاء فقال: قد تكون بلغت سيدي وشيخي أخبار مصر. إنها سوداء تستوكف العبرات، تحريق وقتل، ونهب وسلب، واضطراب وفزع، ثار العوام «بالدعاة» فقتلوا بعضهم وعقب ذلك حرق مصر. وقد يكون مولانا الحاكم استطال بقائي في المعرة ولكن عذري معي؛ فما أحمله إلى الحضرة من علم الشيخ يشفع بي عنده، ويعزيه في كربته. لست أشك في أنه سيعنفني أشد التعنيف، وإن أدركته في ساعة شؤم فالويل لي. - علام يعنفك؟ - لأني لم أقم بمهمتي. استسفرني إليك، وها أنا أعود وحدي. والله، يا سيدي، أحلف لك أنني أخشى لقاءه. - تخاف مقابلته؟ - لست وحدي أخاف ذلك. صوت قوي مرعب كصوت الرعد القاصف يحمل الروع إلى سامعيه، بنية قوية متينة كأنه من الجبابرة والعمالقة، مبسوط الجسم، مهيب الطلعة، عينان كبيرتان سوداوان تمازجهما زرقة، نظرات حادة مروعة كنظرات الأسد، لا يستطيع الإنسان صبرا عليها. كثيرون سقطوا على الأرض وجلا منه وأخرسهم خطابه.
كان أبو العلاء يسمع كلام إسماعيل وكأنه في غيبوبة.
وسكت التميمي هنيهة فقال أبو العلاء: خلق عجيب. - نعم يا مولاي، وخلقه أعجب من خلقه، يشمئز من الدنايا، عفيف طاهر، صادق جواد، تارة يتسع صدره فيحمل الأهرام والمقطم، وأحيانا يخف حلمه فيقبل عزرائيل بخيله ورجله، وهو في الحالين لا يحيد قيد أنملة عن طريق الصدق والخير. - رغبتني فيه يا إسماعيل، وزينت لي لقاءه، لولا أني في قيدين، وقيد واحد منهما كاف: العمى واليمين. العمى يا تميمي مصيبة إذا رافقه طبع سوداوي كطبعي. ما أنا أول أعمى، ولكني أول رجل من العميان في هذه الغريزة. آنف أن أقاد كالكبش، ولا أغتفر لنفسي زلة أو تقصيرا، ولا أحمل منة. الله الله في. العلم يريد أن يظهر، ولكن العمى يهيب بي: الزم مكانك فخير دواء لدائك هذه الخلوة فلا تبرحها.
صفحه نامشخص