ابوالعلاء معری، طوفان عصرها
أبو العلاء المعري زوبعة الدهور
ژانرها
كأني فيه مضمر كن في نعما
واسمح لي أن أختم بهذا البيت من تلك البضاعة المزجاة:
وترفع أجساد، وتنصب مرة،
وتخفض في هذا التراب، وتجزم
لم يبق إلا الشد والمد والقطع والوصل، وفيها مجال فسيح للناظم. إني لأعذره فيما أعنفه، ولا أزعم أني ذكرت كل شيء، ولست بمحدثك عما تعمد من ضروب البديع الشنيع؛ فالحط من قدر هذا النابغة لا يخطر لي ببال. وأنا والله أحترم أدبه جدا. وقد زرت قبره الحقير قبل أن دعا الريحاني إلى الاحتفال بعرسه الألفي، وكتبت ما كتبت عن تلك الزيارة التي تركت في نفسي أسوأ الأثر ...
إن الشيخ الإمام يدعونا إلى اتباعه في ترك الدنيا بقوله لنا:
وإن شئتما أن تخلصا من أذاتها
فحطا بها الأثقال واتبعاني
يذكرني قوله بالكلمة الإنجيلية: «احمل صليبك واتبعني.» ولكني أجيب الشيخ: «ضرب الحبيب زبيب.» ثم أصارحه بأنني لن أتبعه ولو عمرت مثل متوشالح. إن ناموس الحياة يريدنا ثقالا لا خفافا، فكيف نلقي العتاد ونهرب من المعركة؟ لو شئنا أن نعيش بعقلنا - كما يريد هو - لوقفت حركة الكون وصح فينا قول أبي الطيب: «ذو العقل يشقى في النعيم بعقله.» فليتبع أبو العلاء شيخه العقل. أما أنا فمن الجهال لا العقال. إن بعض العقل عقال كما قال أبو الطيب، فلننطلق.
وبالاختصار أقول: إن في أدب العميان جميعا رائحة عفن لا تعجبني ولا أستطيبها، ولم يخل منها حتى شعر بشار، ذلك القطب الجنوبي المتقد، إن صحت تسمية المعري قطبا شماليا لصقيعه وجليده.
صفحه نامشخص