ابوالعلاء معری، طوفان عصرها
أبو العلاء المعري زوبعة الدهور
ژانرها
أم الدهيم وأم دفر ثاكل
ثم ذهب في ذمها مذاهب أبعد يعرفها كل من له إلمامة بالأدب.
أعجب شيخ المعرة بالمتنبي فتناول كلياته الفلسفية وطفق يبسطها ويمططها، فكان في نظري مكبرا فوتوغرافيا لصور المتنبي، فترك لنا هذا الميراث الفلسفي المنظوم؛ فما لزوميات أبي العلاء إلا كألفية ابن مالك؛ هذه تتضمن صرفا ونحوا، وتلك تتضمن فلسفة لمها صاحبها من هنا وهناك، فهو لمام فلسفة لا فيلسوف. وأعرف كثيرا من معازة وبقارة وبغالة عندنا يقولون عن الطقوس وغيرها ما قاله أبو العلاء، وقد يعبر بعضهم أحيانا بسخر مثل سخره، ولكنه لا يحسن النظم مثله.
وضع أبو العلاء الرجاز في آخر الجنة تحقيرا لفنهم، فأين كان يضع نفسه فيها لو سألناه ذلك؟ لا شك أنه لا يجيب ببيته المشهور:
وإني وإن كنت الأخير زمانه
لآت بما لم تستطعه الأوائل
فقد أفحمه ذلك الصبي، إن صحت الرواية ... أما أنا فأراه صادقا في هذا البيت بالنظر إلى رسالة الغفران؛ فهو أروع أثر عربي ينم عن ظرفه ويبرئ تلك التسمية. فمن شاء أن يتعرف به فليطلبه هناك.
أما لزومياته فقلما تجد فيها شعرا. ولنعظمه لأجل ذلك الأثر الخالد.
قد أخفق فيما كتبه بعدها من رسائل وفصول، ولم يدرك غاية من الغايات؛ لأن فكرة صاحبنا واحدة؛ فهو منها كطائر في قفص، أو كجواد طول له ليرعى، فخط دائرة بمقدار ذلك الحبل.
إن رائحة أعزب الدهر لا تعجبني؛ فالشعر ابن الحياة، وكل شعر يبتعد عنها ينفر منه القلب وتشمئز النفوس؛ ففي شعر أبي العلاء رائحة يأس قتال، ومن يتبعه كان مغفلا يقع وإياه في حفرة.
صفحه نامشخص