ابوالعلاء معری، طوفان عصرها

مارون عبود d. 1381 AH
168

ابوالعلاء معری، طوفان عصرها

أبو العلاء المعري زوبعة الدهور

ژانرها

الحصن الذي لم يسكت

«غاب» الحاكم ولم يعد فكثر الإرجاف، وكل ما عرف من أمر «غيبته» حتى الساعة: أنه قام بطوافه الليلي ليلة الاثنين في 27 شوال سنة 411 هجرية، بعد أن ذكر لوالدته أنه يتوقع في الغد قطعا في طالعه ينذر به ظهور نجم معين وأنه يتوجس خيفة من ظهوره، ويخشى أن يصيبها شر ولا سيما من أخته - ست الملك، وأعطى أمه مفاتيح خزانة مليئة بالمال لتحولها إلى قصرها، فجزعت أمه، وتضرعت إليه ألا يخرج، فوعدها بذلك، ولبث أرقا والضجر يكاد يقتله حتى مضى من الليل ثلثاه، وعندئذ قال لأمه: لا بد من ركوبي الليلة وإلا خرجت روحي، ثم ركب وخرج.

وخرج القضاة والأشراف والقواد في اليوم التالي إلى الجبل فبحثوا عنه حتى آخر النهار ولم يعثروا له على أثر، وظلوا يخرجون كل يوم حتى كان يوم «الخميس» آخر شوال فعثروا على حمار الحاكم الأشهب، المسمى القمر، وقد قطعت ساقاه الأماميتان، وعليه سرجه ولجامه، وإذا أثر رجل خلف الحمار وأثر رجل أمامه، فاقتفوا الأثر فعثروا على ثياب الحاكم وهي سبع جبب لم تحل أزرارها.

وكثر اللغو إذ طالت الغيبة، فجلس الظاهر لإعزاز دين الله على كرسي الخلافة يوم عيد الأضحى سنة 411؛ أي بعد غياب أبيه بستة أسابيع.

وشاعت شائعات تترى عن ظهور الحاكم هنا وهناك، وعاش الناس حقبة يرجفون ويلغون منتظرين الرجعة حتى ظهر رجل يشبهه في عهد المستنصر سنة 434 فادعى أنه هو الحاكم وأنه بعث بعد موته، فأوقع الجند بالمدعي وشتتوا أنصاره، وفي هذا قال أبو العلاء:

مضى قيل مصر إلى ربه

وخلى السياسة للخائل

وقالوا «يعود» فقلنا يجوز

بقدرة خالقنا الآئل

إذا هب زيد إلى طيئ

صفحه نامشخص