ابوالعلاء معری، طوفان عصرها
أبو العلاء المعري زوبعة الدهور
ژانرها
وما احتجبت عن الأقوام من نسك
وإنما أنت للنكراء محتجب
فهل تدل هذه الأبيات على شيء؟ أستغفر الله، إنني، علم الله، حسن الظن بالشيخ، ولكن ألا يحق لي أن أشك فيه كما شك هو لعلمي أنه بعض الأنام؟
ولكن لا، إنني أثق به، إنه لصادق السريرة والعلانية، غير أني أسمح لوجداني أن يعتقد أن أبا العلاء فجع بالأنثى التي تعلقها قلبه، وما هجا الدنيا ذاك الهجو المر إلا لأجل تلك التي لم ترع لهذا الضرير عهدا، وقد تكون هي التي حملته على الهجرة إلى العراق على قلة استطاعته.
يشير الشيخ على الناس بشيء، ولكن إشارته تبعث على اليأس، ويا ليته يأس مريح، إنه يأس يستوي فيه الأعمى والبصير كقوله:
والخير أفضل ما اعتقدت فلا تكن
هملا، وصل بقبلة أو زمزم
1
كنت أحسب هذا تظرفا من الشيخ - والشيخ كان ظريفا في شبابه ولكن ظرفه تحول فيما بعد - فقلت إذ ذاك: «كم من متدين هو أسمى عقلا منا، فكيف يغرب هذا عن بصير كالمعري؟» فإذا بي أرى الشيخ مدركا هذا يقر به ويقول في رسالة الغفران: «وقد تجد الرجل حاذقا في الصناعة، بليغا في النظر والحجة، فإذا رجع إلى الديانة ألفي كأنه غير مقتاد، وإنما يتبع ما اعتاد» (ص255).
لست بالمبشر في هذا المقال، ولكني قرأت اللزوميات لأرى ما يدعو إليه أبو العلاء، فلم أقع - أولا - على شيء، فعدت من قراءتها وقراءة كل آثاره، كما عاد صاحبنا من العراق راضيا من الغنيمة بالإياب.
صفحه نامشخص