من الِاجْتِمَاع كالشخص الْوَاحِد فَيُوضَع كل شَيْء مَوْضِعه وينقسم سكانه إِلَى مخدوم لَا يخْدم وَإِلَى خَادِم لَيْسَ بمخدوم وَإِلَى طبقَة يخدمون من وَجه ويخدمون من وَجه كَمَا يكون فِي قوى النَّفس فان بَعْضهَا مخدوم لَا يخْدم كالعقل الْمُسْتَفَاد وَبَعضهَا خَادِم لَا يخْدم كالقوة الدافعة للفضلات وَبَعضهَا خَادِم من وَجه ومخدوم من وَجه كالمشاعر الْبَاطِنَة وَلَا يكتنف الْعدْل رذيلتان بل رذيلة الْجور الْمُقَابل لَهُ إِذْ لَيْسَ بَين التَّرْتِيب وَعدم التَّرْتِيب وسط وبمثل هَذَا التَّرْتِيب وَالْعدْل قَامَت السَّمَوَات وَالْأَرْض حَتَّى صَار الْعَالم كُله كالشخص الْوَاحِد متعاون القوى والأجزاء مترتب التَّقَدُّم والتأخر بِتَقْدِيم الْمُقدم الْحق وَتَأْخِير الْمُؤخر الْحق جلت عَظمته وعظمت قدرته
وَشرح ذَلِك التَّرْتِيب من الروحاني الْمُطلق والجسماني الْمُطلق وَمَا بَين الروحاني والجسماني وتقسيم الْعَالم إِلَى مُؤثر لَا يتأثر كالعقول وَإِلَى متأثر لَا يُؤثر كالأجسام وَإِلَى متأثر مُؤثر كالنفوس فَإِنَّهَا تقبل من الْعُقُول وتوصل إِلَى السَّمَاوَات وكل ذَلِك بِتَقْدِير الْعَزِيز الْعَلِيم ﷻ وَعظم برهانه وَتمّ سُلْطَانه فالعدالة جَامِعَة لجَمِيع الْفَضَائِل والجور الْمُقَابل لَهَا جَامع لجَمِيع الرذائل وَالله ولي التَّوْفِيق إِلَى الصِّرَاط الْمُسْتَقيم الَّذِي هُوَ الْوسط بَين طرفِي الافراط والتفريط حَتَّى إِذا حصل ذَلِك كُله كمل كمالا يقربهُ إِلَى الله تَعَالَى تَقْرِيبًا بالرتبة بِحَسب قرب الْمَلَائِكَة المقربين من الله فَللَّه الْبَهَاء الْأَعْظَم والكمال الأتم وكل مَوْجُود فمشتاق إِلَى الْكَمَال الْمُمكن لَهُ وَهُوَ غَايَته الْمَطْلُوبَة فان ناله الْتحق بأفق الْعَالم الَّذِي هُوَ فَوْقه وَإِن حرم عَنهُ اطرَح إِلَى الحضيض الَّذِي تَحْتَهُ فالإنسان بَين أَن ينَال الْكَمَال فليلتحق فِي الْقرب من الله بأفق الْمَلَائِكَة وَذَلِكَ سعادته أَو يقبل على مَا هُوَ مُشْتَرك بَينه وَبَين الْبَهَائِم من رذائل الشَّهْوَة وَالْغَضَب فينحط إِلَى دَرَجَة الْبَهَائِم وَيهْلك هَلَاكًا مُؤَبَّدًا وَهُوَ شقاوته أعاذنا الله مِنْهَا بفضله
1 / 91