وَنور روحه يشرق أَيْضا على من يُنَاسِبه فِي تِلْكَ الْقُوَّة والاستعداد فيراه كَمَا رأى النَّبِي ﷺ فالتخيل إِذا فيصل بَين الْعَالمين وحاجز بَين الْبَحْرين ومفصل بَين الْحكمَيْنِ ولولاه لما بَقِي محسوس ومعقول للانسان وَلَا كَانَت الصُّورَة وَالْمعْنَى مدركين بمدرك الْحس والبرهان
وَقُوَّة التخيل لَيست متشابهة فِي أَصْنَاف النَّاس بل هِيَ مترتبة متفاضلة وَرُبمَا تكون متضادة فَمن ذَلِك مَا يُنَاسب الروحانيين من الْمَلَائِكَة وَيكون مهبطهم اليه ونزولهم عَلَيْهِ وظهورهم لَهُ وتأثيرهم فِيهِ وتمثلهم بِهِ حَتَّى تكلم الشَّخْص بكلامهم وَتَكَلَّمُوا بِلِسَانِهِ وَرَأى الشَّخْص بِأَبْصَارِهِمْ وأبصروا بِعَيْنيهِ وَسمع بأسماعهم وسمعوا بآذانه وهم مَلَائِكَة يَمْشُونَ فِي الأَرْض مُطْمَئِنين ﴿إِن الَّذين قَالُوا رَبنَا الله ثمَّ استقاموا تتنزل عَلَيْهِم الْمَلَائِكَة﴾
وَمن ذَلِك مَا يُنَاسب الشَّيَاطِين من الأبالسة وَيكون مهبطهم اليه وظهورهم لَهُ وتأثيرهم فِيهِ وتمثلهم بِهِ حَتَّى إِذا ظَهَرُوا عَلَيْهِ تكلم الشَّخْص بكلامهم وَتَكَلَّمُوا بِلِسَانِهِ وَرَأى الشَّخْص بِأَبْصَارِهِمْ وابصروا بِعَيْنيهِ وَسمع بآذانهم وسمعوا بأذنيه وهم شياطين الانس يَمْشُونَ فِي الأَرْض متوهجين ﴿هَل أنبئكم على من تنزل الشَّيَاطِين تنزل على كل أفاك أثيم يلقون السّمع وَأَكْثَرهم كاذبون﴾ وحيثما كَانَت استقامة فِي حَال الخيال كَانَ منزل الْمَلَائِكَة وحيثما كَانَ اعوجاج فِي حَال الخيال كَانَ منزل الشَّيَاطِين
أما الْقُوَّة الشهوية فَفِيهَا أَيْضا مضرَّة وَمَنْفَعَة وَهِي أصعب إصلاحا من سَائِر القوى لِأَنَّهَا أقدم القوى وجودا فِي الانسان وأشدها بِهِ تشبثا وأكثرها مِنْهُ تمَكنا فانها تولد مَعَه وتو جد فِيهِ وَفِي الْحَيَوَان الَّذِي هُوَ جنسه بل فى
1 / 79