كمالها الْمَطْلُوب وَهُوَ الِانْتِفَاع بشخصه حملا وركوبا وأكلا وحراثة وَالِانْتِفَاع بنوعه سوما وتوليدا وانتاجا فَلَا يَخْلُو وجوده فِي الْكَوْن عَن نفع جزئي بشخصه وَعَن نفع كلي بنوعه
وَأما الْحَرَكَة الانسانية فاحتاجت الى حسن عناية وتكليف بتأييد وتسديد وتعريف فان الْحَرَكَة الفكرية يدخلهَا حق وباطل فَيجب أَن يخْتَار الْحق دون الْبَاطِل والحركات القولية يدخلهَا صدق وَكذب فَيجب أَن يخْتَار الصدْق دون الْكَذِب والحركات الفعلية يدخلهَا خير وَشر وَيجب أَن يخْتَار الْخَيْر دون الشَّرّ وَلنْ يتَحَقَّق هَذَا الِاخْتِيَار إِلَّا من تأييد وتسديد وتعريف
فَأَما التأييد فَيظْهر أَثَره فِي الْأَفْعَال حَتَّى يخْتَار من الحركات الفعلية الْخَيْر وَيتْرك الشَّرّ وَأما التسديد فَيظْهر أَثَره فِي الْأَقْوَال حَتَّى يخْتَار من الحركات القولية الصدْق وَيتْرك الْكَذِب واما التَّعْرِيف فَيظْهر اثره فِي الأفكار حَتَّى يخْتَار من الحركات الفكرية الْحق وَيتْرك الْبَاطِل
وَإِنَّمَا هَذِه الْمَرَاتِب الثَّلَاثَة مقدرَة على الْمَرَاتِب الثَّلَاثَة العلوية الَّتِي يعبر عَنْهَا تَارَة بِالْمَلَائِكَةِ المؤيدين وَتارَة بالجدود الروحانيين وَتارَة بالحروف والكلمات فِي عليين وكما أَن الحركات النباتية احْتَاجَت إِلَى تشذيب والحركات الحيوانية إِلَى تَهْذِيب كَذَلِك احْتَاجَت الحركات الانسانية إِلَى تَأْدِيب
وَمن صفت اختياراته فِي حركاته الثَّلَاث عَن شَائِبَة الْبَاطِل وَالْكذب وَالشَّر من كل وَجه فَهُوَ الَّذِي يحِق لَهُ أَن يَقُول أدبني رَبِّي فَأحْسن تأديبي وَهُوَ الَّذِي يسْتَحق أَن يُؤَدب غَيره ويهذب ويزكي ويطهر وَيعلم وَيذكر لقَوْله تَعَالَى ﴿كَمَا أرسلنَا فِيكُم رَسُولا مِنْكُم يَتْلُو عَلَيْكُم آيَاتنَا ويزكيكم ويعلمكم الْكتاب وَالْحكمَة ويعلمكم مَا لم تَكُونُوا تعلمُونَ﴾
1 / 39